تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



ثقافة الشوارع | الأمير كمال فرج


في كثير من الأحيان يُستخدم "الشارع" في الاستهجان والحطُّ من المنزلة ، هو دائما يعني البيئة الدنيا من المجتمع التي لم يربطها رابط، أو يضبطها ضابط،  فبينما كان المنزل يعني الانضباط والتربية والأخلاق، كان الشارع دائما مرادفا للانفلات ، والفوضى، والضياع .

ولكنك لو تأملت لوجدت أن الشارع يتكون مني ومنك والآخرون .. الشارع انعكاس للمنزل، الساكنون في البيوت هم أنفسهم من يمشون في الشوارع، ويشكلون شكله العام  من ناحية، وسلوكياته وقيمه من ناحية أخرى .

الرجل المسحوق الذي يربي أولاده بالحلال ، ويسكن في بيت قديم آيل للسقوط ، هو نفسه الذي ينزل كل يوم ليتشعبط في الأتوبيس ليذهب إلى عمله، ويعود بعد الظهر إلى أسرته سعيدا وهو يحمل بطيخة، والتاجر الجشع أبو كرش الذي يملك العمارات، هو نفسه الذي ينزل كل يوم ليمارس دوره في مصِّ دم الناس .

فمن أين جاء استهجان الشارع .. ربما كان السبب تعبير "أطفال الشوارع" الذي يعني الأطفال الذين هربوا من أهاليهم ، ولم يجدوا مأوى لهم سوى الشارع .

ولكن حتى هذه الفئة لو تأملت ستجد أنها مهما بلغ سوءها انعكاس لتربية المنزل .. لا شيء جديد .. هذه بضاعتنا رُدت إلينا كما كان يقول أستاذي مصطفى هدارة رحمه الله .

على العكس لو قارنت ستجد أن الشارع أكثر صدقا، فبينما البيوت تحجب البلاوي ، يكشف الشارع كل شيء ، لا مجال للتجمل، والخداع .. الوجوه مكشوفة والعقول أيضا.
للشارع المصري ثقافته وقيمه وتقاليده، ورغم أنها حوصرت تحت ضغط المدنية والتطور، لازالت هذه القيم موجودة في العلاقات الاجتماعية اليومية بين رواد المقاهي والدكاكين والمصالح الحكومية والأماكن العشوائية، ومراكز الاكتظاظ السكاني.
للشارع أيضا فنونه، لا أقصد الفنون الشعبية المعروفة، ولكن ما أقصده "فنون الشارع"، وهي باب مهم أهمله الباحثون، من أمثلة هذا الفن الصيِّيِّت، والحاوي، والأراجوز، وعازف البيانولا، وفرق حفلات الزفاف، والمسحراتي، وعازف الربابة الذي يمشي في الشوارع ويطلق مواويله الحزينه ، ويعود في آخر النهار بما يجود به السكان.
من أمثلة فن الشارع أغنية "مافيش صاحب بيتصاحب" التي قدمها بعض الصبية ، وحققت 80 مليون مشاهدة على يوتيوب في 11 شهرا ، نفس الكلام ينطبق على أغنية أحمد شيبة "آه لو لعبت يازهر" التي حققت 70 مليون مشاهدة في 6 أشهر بينما أغنية عمرو دياب بالكاد وصلت إلى المليون خلال سنوات .
لن نتحدث الآن عن المستوى أو القيمة ، لأن الفن ـ أي فن ـ قد يكون إيجابيا أو سلبيا ،  يجب أن تعترف أولا بوجود فن الشارع، وأن هذا الفن له سماته، ويحظى بشعبية هائلة .
ما يقدمه الإعلام الآن بعيد تماما عن الشارع ، فهو يقدم توليفة يريد هو إظهارها ، ولكنها بعيدة عن فنون الواقع وثقافته، لذلك كان الانفصام بين الإعلام والواقع ، والسلطة والشعب، والنخبة السياسية والناس.
فن الشارع فن موجود ، مؤثر، ويتسم في كثير من الأحيان بمظاهر جمالية ، أهمها العفوية والصدق الفني ، وذلك السبب الحقيقي في انتشاره الرهيب .

إذا اعترفنا بفن الشارع ، ستكون الخطوة التالية ، كيف نقوم هذا الفن ، كيف نوظفه في إصلاح الشخصية ، العديد من السلوكيات السلبية التي نراها يوميا في الشوارع بدءا من البلطجة، وخناقات الميكروباص ، وقطع إشارة المرور ، والكلاكسات الصاخبة يمكن حلها عن طريق الفن .

آن الأوان لإعادة الاعتبار للشارع الغني بالثقافة، والفنون، والتقاليد والحكم والأمثال، ويتم ذلك أولا بالتوقف عن مهاجمته والحط منه ، ثم الاعتراف به ، ليأتي بعد ذلك الأهم ، وهو توظيفه في إصلاح المجتمع .
تاريخ الإضافة: 2016-07-28 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1415
5      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات