القاهرة : خاص .
قال الشاعر والمترجم المصري رفعت سلام أن العنصرية لا يمكن أن تدير نقاشا ثقافيا فعالا، وأن غالبية المثقفين العرب ترفض الأفكار الطائفية، مؤكدا أن المحاصصة الثقافية التي ينادي بها البعض فكرة عبثية.
جاء ذلك خلال استضافة إذاعة B B C. العربية لسلام أمس، مع الشاعرين فوزي كريم (العراق) وندى منزلجي (سوريا)، بشأن طعن كاتبين عراقيين في الشعر المصري من خلال مجلة "الجديد" التي تصدر بلندن.
وقال الشاعر رفت سلام، إن "نفي الآخر لن يؤدي إلى إثبات الذات، إلا بصورة وهمية، وجوهر مثل هذه الأفكار عنصري، لا عقلاني، يذكرنا بتلك الأفكار الاستعمارية عن تخلف بعض البلدان كتبرير لاحتلالها، ونقلها إلى التحضر الأوروبي؛ وأفكار هتلر حول تفوق الشعب الألماني، وبقية سلسلة الأفكار العنصرية والطائفية التي نشهد بعضها يعيث فسادًا في البلدان العربية حاليًّا"، مشيرا إلى أنه لا يمكن- انطلاقًا من أفكار عنصرية، كهذه- إدارة نقاش ثقافي مثمر وفعال.
وأوضح سلام، إن "غالبية المثقفين العرب يعلنون دائمًا- وبكل قوة- عن رفض الأفكار العنصرية والطائفية، لكنهم سرعان ما ينطلقون منها إذا كانت تخدم أوهامهم الثقافية والفكرية".
وأكد سلام ، إن "المحاصصة" الثقافية فكرة مراهقة، وعبثية. وإذا كانت قد أدت وتؤدي إلى التشرذم والتقاتل الحاصل- سياسيًّا- في بعض البلدان العربية، فكيف ينقلها البعض إلى المجال الثقافي؟ وما النتيجة المرجوة منها؟".
ويرى سلام أن "فكرة "أنا الأفضل".. هو هدف هذه الزوبعة التافهة. نحن "شعب الله المختار" في الشعر، هو غاية هذا المنطق المتهافت، وإلغاء بقية الشعريات العربية في مختلف البلدان العربية، من أجل إشباع وهم ذاتي".
وحين استعاد الشاعر فوزي كريم التاريخ القديم- بشعرائه- كدافع على زخم الشعر العراقي منذ العباسيين، رد سلاك أن إن "التاريخ العربي القديم لم يعرف العراق وسوريا كبلدين مستقلين كما نعرفهما الآن. وليس للبعض بالتالي أن يفرض على المتنبي مثلاً أن يكون عراقيًّا، ولا المعري أن يكون سوريًّا، طالما أن مثل هذه الوحدات الجغرافية لم تكن قائمة آنذاك؛ بل ينتسبان- ومعهما امرؤ القيس وأبو تمام وأبو نواس وعمر بن أبي ربيعه، إلخ- إلى مجمل الشعر العربي".
وحول القول بأن هناك حساسية لدى المصريين إزاء النقد، أوضح سلام "إن مدرسة الديوان (العقاد والمازني وشكري) هي أول من انقضت على فكرة "إمارة" شوقي للشعر العربي، وانهالت- ومعها، بعد ذلك، شعراء مدرسة "أبوللو" الرومانتيكية- بالنقد القاسي على قصيدة شوقي".
وأكد سلام أن "المعارك يمكن أن تفيد الواقع الثقافي العربي، على ألا تكون عنصرية أو مفتعلة، كما هو حادث الآن، فالمعركة السابق الإشارة إليها (معركة "مدرسة الديوان" و"أبوللو" مع شعر شوقي) دفعت بالحركة الشعرية والنقدية العربية. فما الذي تدفع إليه الزوبعة المفتعلة الآن سوى التنابذ والطائفية الثقافية؟ وكأن ذلك ما ينقصنا..!".