للأكل علاقة بالصحة والذكاء والجمال والعبقرية، وأيضا النهوض الإقتصادي، هذا ما أؤمن به ، ولكن ذلك يحتاج إلى دراسات وبحوث للتأكد منه، وتبيان حجم العلاقة ، ومدى الإستفادة من ذلك.
منذ سنوات كنت أعد مادة صحفية ثابتة في رمضان تعتمد على استضافة مذيعات وناشطات مجتمع في حوار حول أكلاتهم المفضلة هذا الشهر، وهذا التكليف أتاح لي على مدى 30 يوما التعرف على الأغذية المفضلة لعدد كبير من النجمات ، كانت النجمة تتحدث عن أكلتها المفضلة، وتقدم للقراء وصفا لإعداد الأكلة.
هذه الحوارات كانت فرصة لأربط بين النجمة وطعامها المفضل ، صدقوني لاحظت علامة ما بين نوعية الأكل والجمال ، لن أذكر شيئا عن الأطعمة والنجمات ، حتى لا يساء الفهم ، ويعتقد البعض أنني أرفع من قدر جمال نجمة وأحط من جمال أخرى، المهم أن النتيجة الشخصية التي خلصت بها أن هناك علاقة قوية بين النجمة الجميلة ونوعية الطعام التي تأكله.
الدراسات السابقة أكدت على دور الغذاء في جانبي الصحة والمرض ، فهناك أكلات صحية تساعد المرء على الرشاقة والقوة والصحة والقدرة الجنسية، وهناك أخرى تزيد من احتمال ظهور الأمراض ، بل أن الخبراء نصحوا بالتركيز على أكلات معينة، تتوفر بها عناصر غذائية محددة تفيد الجسم مثل الأسماك التي تحتوى على مادة أوميجا 3 المضادة للأكسدة.
البعض يربط على سبيل الفكاهة بين الفول والكسل، وهناك العديد من الأعمال الفنية التي وظفت هذه العلاقة على سبيل التندر والكوميديا ، ولكنك بالفعل لو لاحظت ستجد أن الفول رغم احتوائه على عناصر غذائية مفيدة، فإن تناول وجبة دسمة منه كفيلة بأن تربك أجهزة الجسم ، وتدفع الجهاز الهضمي لإعلان الطواريء لهضمها، وهو ما يصيب المرء لفترة بالضعف والخمول والكسل .
أوضحت دراسات أن الشعوب التي يعتمد غذائها على الأكلات البحرية يرتفع فيها متوسط العمر إلى أرقام عالية ، وأرجع الباحثون ذلك إلى أن مثل هذا النظام الغذائي الصحي يحمي صاحبه من أمراض العصر مثل السمنة والضغط وارتفاع الكوليسترول ، وبالتالي فإنه يساهم في تطويل العمر.
قضيت في تايوان عدة أيام، ولاحظت أن طهام التايوانيين يعتمد كليا على الأكلات البحرية كالأسماك والمحار وقنديل البحر وحلزونه، وغيرها ، وتساءلت هل لهذا النظام الغذائي علاقة بالتقدم الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، وهل لذلك دور في نجاحها في التصدير بـ 519 مليار دولار سنويا؟.
الجميع يتفق على العلاقة بين الأكل والسمات الإيجابية كالصحة والقوة وارتفاع متوسط العمر والجمال والذكاء وغيرها، وكذلك العلاقة ين الأكل وسلسلة من السمات السلبية مثل المرض والضعف، وتنتهي بالوفاة .
والسؤال الآن .. ما دامت هذه العلاقة واضحة لهذه الدرجة ، ثبتت سواء بالعلم أو الطب أو الخبرة الشخصية ، لماذا لا ننتهز الفرصة ، ونقدم للانسان مساحيق أو عقاقير أو أنظمة غذائية تقوى الصحة، وأخرى تدعم الجمال، وثالثة تزيد الذكاء، ورابعة ترفع الأداء.
لماذا لا يعكف الخبراء لإعداد خلطة غذائية في المختبر تطيل العمر، ونطلق عليها "أكسير الحياة"؟، على غرار حبوب الشجاعة التي كان يتناولها "بندق" الشخصية الكارتونية الشهيرة، فيتحول إلى "سوبر بندق".
لماذا لا نحدد العناصر الغذائية التي تنتج لنا جيلا جديدا خاليا من الأمراض ؟، ولماذا لا نحدد العناصر الغذائية التي تساعد الإنسان على العمل والإنتاج والابتكار وسرعة الأداء ؟، مثلا يمكننا إنتاج وصفة غذائية محددة لتسريع الأداء في العمل ، وتجربتها على عينة من عمال أحد المصانع ، وتسجيل النتائج.
الكاتب وظيفته طرح الأفكار ، وإضاءة الطريق ، وعلى الباحثين أن يكملوا المهمة ببحث تطبيق هذه الأفكار ، وتحول الممكن منها إلى حقيقة ، لذلك آمل أن يهتم الباحثون بهذه النقطة، فربما نتمكن عن طريق الغذاء من حل العديد من المشكلات التي تواجهنا كالأمراض العضوية والنفسية، وصعوبات التعلم ، وضعف التحصيل، والتخلف الاقتصادي .