"وقِّت حلمك" بالشدة والكسرة على القاف .. بمعنى حدد للحلم وقتا للتنفيذ ، لا تترك الأمر على عواهنه كما يقول التعبير الفصحوى الجميل، أي تلقيه بلا تفكير ولا روِية، حدد لحلمك deadline موعد أخير لا يمكن تجاوزه، لا تحلم ثم تستغرق في النوم، وتقول "أنا عملت اللي عليه" ، لا تحلم ثم تعود لجلستك المفضلة على المقهى في عنيكش.
أول خطوة إيجابية أن تحلم ، الكثيرون يعيشون كالموتى الأحياء كيفما أتفق، ولكن الأهم أن تعمل لتحقيق الحلم، والأكثر أهمية أن تحدد وقتا لتحديد الحلم، مادام العمر محددا ، يجب أن تكون الأحلام محددة.
البعض يحلم وهذا شيء جيد، ويعملون لتحقيق هذا الحلم وهذا أيضا جيد ، ولكن يتبسطون مع الأحلام، ويقولون "في العجلة الندامة"، فتهرب منهم الأهداف، وتضيع الأيام والسنوات دون تحقيق شيء .
منذ سنوات جمعني لقاء مع خالي المهندس محمد بدر الدين في دبي، قال لي الخال حفظه الله .. "حدد لنفسك هدفا وهو أن يكون لك موقعا على الإنترنت، وأن يتم ذلك خلال عام"، هذه النصيحة الذهبية اختطفتها ، ونفذتها ، فكانت النتيجة موقعي الشخصي الأمير كمال فرج . كوم ، الذي كان أون لاين في الموعد المحدد خلال عام.
الحلم صعب إن لم يكن مستحيل ، الأشياء البسيطة لا تسمى حلما ، الحلم الحقيقي هدف بعيد المنال يحتاج تحقيقه إلى جهد وعمل ومشقة، والإنسان بطبيعته ضعيف إمكاناته محدودة ، لذلك تحدث الحرب غير المتكافئة بين الإمكانات البسيطة من ناحية والحلم الكبير بمتطلباته الأسطورية من ناحية أخرى، فيصاب الإنسان باليأس والإحباط ، والحلم بطبيعته مراوغ لأنه يخالف الواقع، من هنا يجب عليك محاصرة حلمك والإصرار عليه، وتوقيت الحلم أفضل طريقة للضغط عليه، ومواجهته حتى يتم تحقيقه .
هذه المعركة غير المتكافئة بين الواقع والحلم والخاسرة لأول، يمكن أن تتحول فجأة إذا ما تسلح المرء بالإرادة ، الإرادة الوقود السحري الذي يحول الإنسان إلى سوبرمان يحقق المعجزات.
السؤال الآن .. كيف أحدد وقت الحلم .. هل سنة أم سنتين أم أكثر ؟، لكل حلم وقته الإفتراضي ، وذلك يرجع إلى طبيعة كل حلم وحجمه وقيمته، ولكن كلما تسلح الإنسان بالطموح كلما قلت فترات الأحلام ، وأيضا كلما زاد العمر كلما قلت المدد المحددة لتحقيق الأحلام ، فإذا كانت مدد تحقيق الأحلام في سن الشباب تحدد بالسنوات ، فإنها في سن الكبر يجب أن تحدد بالشهور والأسابيع والأيام في بعض الأحيان.
وقَّت حلمك المراوغ .. حاصره من الجهات الأربع، من الأمام والخلف والأعلى والأسفل لا تترك له الفرصة لالتقاط الأنفاس ، لا تيأس أو تجزع ، أو تتأثر بعبارات التقليل أو الإحباط التي يطلقها الرفقاء ، إذا أغلق الباب ادخل من الشباك ، إن أغلق الأبواب والشبابيك، اطلع له من تحت الأرض ، فالأحلام تحتاج إلى الفارس المقدام، وكما يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في رائعته "سلو قلبي" "وما نيل المطالب بالتمني . ولكن تؤخذ الدنيا غلابا".