اقتل الوحش .. هذا مصطلح جديد من اختراعي أتمنى أن ينتشر، ويكون نظرية تدرس في الاقتصاد الاجتماعي، .. أسلوبا ملهما لكل المديونين الذين اضطرتهم ظروف الحياة للوقوع في براثن بطاقات الإئتمان، الاستعمار الجديد في العالم العربي.
لا تهادن الوحش وتعطيه ما يكفيه لكي يهدأ، القسط الشهري، لأنه بعد أن يشبع سيهجم عليك من جديد الشهر المقبل، وبذلك ستكون مهددا بالهجوم الشرس في أى وقت، فلن تعرف للنوم طعما ، وسيكون هاجسك الوحيد كيف تدبر وجبة الوحش الشهرية . لذلك فالحل .. هو أن تقتل الوحش، بتسديد المبلغ الذي عليك دفعة واحدة، حتى لو ستشحذ في الطرقات، وتقول لنفسك "توبة من دي النوبة"
لا أدرى من هو العقل الجهنمي الذي ترك التجارة في كل شيء ليتاجر في المال ، وكيف أمكن له أن يؤسس منشآت تسمى "البنوك" تمنح الناس الأموال مقابل فوائد ، لا أعلم من هو أول من أسس البطاقة الإئتمانية التي تعتمد على فكرة إقراض الناس مقابل فوائد، ليستعمر العالم في سنوات معدودة، وكيف لم يتصدى أحد لهذه الظاهرة المريبة التي لها أبعاد خطيرة على الأمن الاجتماعي والسلم العالمي؟.
لن أتحدث عن الحلال والحرام ، فللفتوى رجال يضطلعون بها ، ولكني سأناقش الموضوع من وجهة نظر اقتصادية واجتماعية، أول المصارف الحديثة تأسس عصر خلال النهضة الأوروبية في مدينة البندقية في إيطاليا عام 1397 ، لتكون وسيلة آمنة لحفظ المال، وإقراض الناس ومساعدتهم على الادخار والاستثمار.
ولكن بعد 620 عاما على تأسيسها، ماذا حققت البنوك ؟، إذا كانت قد حققت بعض المنجزات على مستوى المشاريع ، فإنها تسببت في العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية .
العمل البنكي في الأساس مشروع قائم على الربح، فلا تنتظر منه دعم صغار المستثمرين أو مساعدة الناس، أو بناء المجتمعات ، وغيرها من العناوين الكبيرة الخطيرة التي تستخدمها البنوك في حملاتها الإعلانية .
الواقع يؤكد أن بعض البنوك تلاعبت بالاقتصادات ، وتاجرت في العملة، وساهمت في إفقار الناس ، وكانت دائما كالمرابي العجوز الذي يقدم لك المال ليساعدك في الظاهر على ترميم بيتك ، ولكن عينه في الحقيقة على بيتك نفسه.
وفي عام 1920 تفتق الذهن البشري عن ظاهرة أخطر للحصول على أموال الناس وهي بطاقات الإئتمان ، وهي تعتمد على نفس المنطق البنكي الخبيث، وهو إقراض الناس مقابل فوائد محددة، ولكن الأخطر في بطاقات الإئتمان أنها قدمت العديد من الإغراءات للناس فوقع في حبائلها الكثيرون .
الآن بعد ما يقرب من 100 عام على ظهور بطاقات الإئتمان ، أصبح نصف العالم مديونا ، إذا أجريت دراسة عن حجم مديونات العالم لبطاقات الإئتمان ستكتشف نتائج خطيرة ، فهناك مجتمعات بأكملها مدينة لبطاقات الإئتمان ، وهناك دول بأكملها مرهونة لمؤسسات الإقراض العالمي، وهو ما يهدد الأمن القومي لتلك الدول ، وكذلك السلم الاجتماعي .
وفيما أفرز لنا العقل العربي نظام "الجمعية" التي تعتمد على التكافل والتراحم والتآذر والتعاون على البر والتقوى ، أفرز لنا العقل الغربي "بطاقات الإئتمان" التي تعتمد على الإبتزاز ، والاستغلال، والغش، والخداع.
إذا كنتَ أحد ضحايا بطاقات ائتمان إنتبه للطوق الذهبي الجميل الموضوع على عنقك ، وابدأ فورا في خطة الفرار من سجن الكتراز، لن تجدى الوسائل التقليدية صدقني، لا تهادن الوحش بأن تعطيه القسط الشهري لكي يهدأ وينصرف عنك ، اقتل الوحش بضربة واحدة.
تاريخ الإضافة: 2017-07-26تعليق: 0عدد المشاهدات :1368