القاهرة والخرطوم .. المكايدة السياسية تصل النقد الفني
القاهرة : الأمير كمال فرج .
المكايدة ظاهرة طبيعية، ولكن الغير طبيعي أن تدخل مجال السياسة، ورغم أن المكايدة تفعل الكثير، لم أتصور أن تصل إلى "النقد الفني" ، هذا ما ورد إلى ذهني عندما قرأت تقريرا أعده عادل عبدالرحيم مراسل وكالة الأناضول التركية في الخرطوم.
التقارير الإخبارية المنحازة أحد مظاهر الخلافات بين الدول العربية ، حيث تغيب الموضوعية ويبدأ كل طرف في الضرب تحت الحزام بعيدا عن قواعد المهنية ، وقد وصلت المكايدة السياسية إلى المؤتمرات والمباريات الكروية، والمواقف، ولكنها المرة الأولى التي تدخل النقد الفني .
نحن الآن أمام تقرير أعده "سوداني" ونشره في وكالة أنباء "تركية" ليهاجم فيه ـ ضمنا ـ دولة ثالثة وهي "مصر"، ومدخله في ذلك كان جديدا تماما ، وهو الدراما المصرية، فإذا استدعينا الخلاف التركي المصري من ناحية ،والسوداني المصري من ناحية أخرى سنكتشف الغرض الشخصي المتخفي في ثوب النقد .
ورغم تحفظي الشخصي على الدراما ككل، حيث أعتبرها أفضل وسيلة لتضييع الوقت، والمناعة التي حصلت عليها من طول عملي الصحفي ، وهي مناعة ضد التعصب القومي والبلدي، والجهوي، وتقديسي للعلاقات العربية العربية من ناحية، والمصرية السودانية من ناحية اخرى، إلا أن هذا التقرير استوقفني، لا لأنه يهاجم ضمنا الدراما المصرية ، ولكن لإقحام النقد الفني الذي له قواعد ثابتة، في ميدان السياسية المتغيرة والمتلونة.
لن أناقش مضمون التقرير، ولن أظهر ما به من مبالغات وتناقضات ، ونفاق صحفي ، وكيد سياسي واضح ، ولكن سأضعه بين أيديكم لنرى ونحكم :
السودان.. ازدهار الدراما التركية بعد عقود من سطوة المسلسلات المصرية (تقرير)
الخرطوم/ عادل عبد الرحيم/ الأناضول.
بعد عقود طويلة من سطوة الدراما المصرية، وإلى حد ما السورية، أخذت المسلسلات التركية، خلال السنوات الماضية، حيزا كبيرا من ساعات المشاهد السوداني.
وفيما تتزايد شعبية الدراما التركية، يوما تلو آخر، يبدو عاديا أن تجد اثنين من الأصدقاء يرتبان موعد لقائهما، أو قضاء مهمة مشتركة، وفقا لتوقيت عرض أحد المسلسات، التي يتابعانها.
وتحظى المسلسلات التركية بمستويات مشاهدة عالية من الرجال والنساء، من مختلف الأعمار، وإن كان يتفاوت، بطبيعة الحال، تفضيلهم وأسبابه، من عمل لآخر.
وهذه الأيام، تتابع الشابة آمنة أحمد مسلسين، هما "ما وراء الشمس" و"زواج مصلحة"، اللذين يعرضان على فضائيتي "mbc1 - mbc4"، وأكثر ما يجذبها "تفاصيل الحياة في تركيا، من مناظر طبيعية وديكور، بجانب أزياء الممثلين".
أما ما يشد نسرين مصطفى، الطالبة الجامعية، إلى الدراما التركية، "الرومانسية التى تعسكها القصص وأبطالها"، طبقا لما قالته للأناضول.
وبالنسبة إلى المخرج والمسرحي والناقد السوداني، السر السيد، فإن هناك عدة عوامل ساعدت على انتشار المسلسلات التركية في السودان والمنطقة العربية ككل.
وأول هذه العوامل، كما يقول السيد للأناضول، "غياب المصداقية في الأعمال المصرية، بحيث لا تعكس الوقائع بشكلها الحقيقي، وهذا ساهم، أولا، في انتشار الدراما السورية، التي تميزت بعمقها، على حساب المصرية".
إلا أن الحرب السورية، التي اندلعت في 2011، يستدرك الناقد السوداني، أدت إلى تمدد الدراما التركية في هذه المساحة "الخالية"، لا سيما أنها تُدبلج باللهجة الشامية "المفهومة للسودانيين".
أما العامل الثاني لتمدد الأعمال التركية، كما يعتقد السيد، "الجرأة وبراح الحرية المتاح في كل تفاصيلها الاجتماعية، بدءًا من العلاقات الحميمة إلى علاقات الزواج والطلاق".
وتأييدا لما ذهب إليه الرجل، قالت الشابة آية حسين، ذات العشرين عاما، للأناضول، إن ما يجذبها إلى المسلسلات التركية، "الوفاء للمحبوب".
وتعتقد الصحفية السودانية، منى مبارك، أن النساء أكثر حضورا للمسلسلات التركية، بحكم أن لديهن "وقتا أكثر"، مقارنة بالرجال، علاوة على أن طبيعة قصصها "أقرب للنساء، مثل الأزياء المُبهرة للممثلات".
ومن زاوية أخرى، يتفق السر مع مبارك في شغف النساء بالأعمال التركية، لأنها "تعكس صورة الرجل المفقودة في المجتمع السوداني والعربي بشكل عام، سواء كان أبا أو أخا أو زوجا، حيث تقدمه بصورة الشخص الودود، غير المُتسلط".
وفي تعليقها للأناضول، أشارت الصحفية السودانية إلى أن واحدا من أهداف الدراما التركية، تنشيط السياحة، وقد نجحت بالفعل في ذلك، "فأنا عن نفسي، صار حلمي زيارة تركيا".
ومن هذا البعد أيضا، يرى الناقد السوداني، أن من أسباب شعبية الدراما التركية، اهتمامها بـ"الفضاء المكاني"، خاصة الأماكن السياحية، التي تدور فيها وقائع المسلسل المعني.
وعلاوة على ذلك، تتميز الأعمال التركية، كما صرح السيد، بأنها "متنوعة داخليا، وتعتمد على الحكي المتنوع، باعتماد طرق عدة، لمتابعة المسلسل، من أى مكان تشاهده فيه، ومن أي حلقة، وليس بالضرورة من البداية".
لكن "المُحيّر" للكاتب والمحرر الثقافي، حاتم إبراهيم كناني، "الدقة التي يتابع بها الجمهور السوداني حلقات المسلسلات، رغم الضغوط المعيشية، وساعات العمل الطويلة، وكثرة الالتزامات الاجتماعية، في وسط معروف عنه الترابط".
إلا أنه عاد للقول إن "تشابه عاداتنا مع العادات الاجتماعية في المناطق الريفية، المعروضة في المسلسلات التركية، مثل دور الجد والجدة، ساهم في انتشارها".
وفي إفادته للأناضول، يربط كناني بين هذا التشابه، وتبيعة السودان للدولة العثمانية ما بين 1821 - 1885، وما تبع ذلك من تأثير غير مباشر.
وقبل عامين، عرض التلفزيون الرسمي مسلسل "محور العدالة"، خلال شهر رمضان، خلافا للمعتاد من الدراما المصرية والسورية، وأرجع مدير البرامج، عبد القادر يوسف، الخطوة إلى أن "الدراما التركية فيها ما يتوافق مع عاداتنا وتقالدينا السمحه".
وحينها، قال يوسف إن "المرأة في المسلسل التركي فاعلة، على العكس السائد في الدراما العربية، حيث تكون المرأة دائما ضحية، وأدوارها دائما ربة منزل أو سكرتيرة خائنة".
وخلال الأعوام القليلة الماضية، كانت مسلسلات "سنوات الضياع"، "حريم السلطان" و"نور"، من أكثر الأعمال شعبية في السودان.
تاريخ الإضافة: 2017-08-15تعليق: 0عدد المشاهدات :1450