في الستينات والسبعينات كانت لدينا عادة اجتماعية مهمة، وهي تدوين اليوميات، كان يشترك فيها الرجال والنساء، كبار السن والمراهقين، كان لكل شخص دفتر يوميات صغير يسجل فيه الأحداثـ، والتواريخ، والانطباعات، كان عمي يكتب يومياته، وكذلك أبي.
" 25 / 6 / 1960 يوم ميلاد إبني الأكبر جلال " هكذا كان يدون الآباء والأجداد، ولا مانع من إضافة مشاعر وأحاسيس شخصية للحدث، أو مواقف متفرعة، وربما صور أو وثائق.
وكان هناك أيضا "الأوتوجراف" الذي يدون فيه الأقارب والأصدقاء كلمات للذكرى الخالدة كما كنا نكتب صغارا، وكان يشترك في هذه الهواية الشباب والفتيات، .. كان لدي في الصغر أوتوجراف صغير بأوراق ملونة، يمتليء بعبارات جميلة كتبها أصدقاء وأقارب ، ولو بحثت جيدا سأجده بين أغراضي القديمة، وأنا واثق أنني سأجد داخله شهادات وأشعار ومواقف من العديد من الشخصيات الأدبية والثقافية التي رحلت، وتركت كلماتها التي تقاوم تجاعيد الزمن.
وفي بعض الأحيان كانت دفتر اليوميات يتضمن أمورا شخصية ، حيث كان البعض يتعامل مع دفتره كالصديق ويفضفض من خلاله بمشاعره وأحاسيسه ، لذلك كان فقد مثل هذا الدفتر يسبب مشكلة ، خاصة عند الفتيات.
كان التدوين عادة فرعونية قديمة جدا ، حيث كان القدماء يؤثقون لكافة تفاصيل حياتهم اليومية على المعابد والأدوات، أما Autograph فهو كلمة يونانية ، تعني النفس والكتابة، تلاقت مع شغف المصريين بالتدوين، فحظيت على الإقبال والانتشار، نرى قصصا عنه في الأفلام القديمة ، وكان هناك برنامج تلفزيوني شهير على القناة الأولى بعنوان "أوتوجراف"، كان يقدمه طارق حبيب.
كان التدوين العائلي يحظى على اهتمام معظم أفراد الأسرة، وكان شئنا أم أبينا شهادات اجتماعية توثق لحيوات أشخاص وحقب زمنية مختلفة، فرغم أنه كان هواية شخصية، كان أيضا وسيلة لتوثيق تاريخ العائلة الصغيرة، والذي هو أيضا جزء من تاريخ الوطن، لذلك لو دعونا المستخدمين إلى إبراز يوميات الآباء والأجداد التي كانوا يدونوها في دفاترهم القديمة، سنجد أنفسنا أمام كنز إجتماعي حقيقي يوثق لشخصيات وأحداث وعصور اجتماعية وسياسية مهمة مرت بها البلاد.
ولكن هذه العادة الاجتماعية الجميلة دهستها العجلات في الحياة الحديثة الصاخبة التي تعتمد على الركض وراء لقمة العيش .
ورغم ظهور مصطلح "التدوين " والمدونات" كإحدى مظاهر الإنترنت الحديثة، إلا أن التدوين الشخصي بمعناه الأولي البسيط اختفى .
ولكن لماذا لا نحيى ثقافة التدوين ، من خلال وسائل حديثة ، مثل المواقع الألكترونية ، والمنصات الإعلامية، ونشجع على أدب الاعتراف الموجود بشكل ما في المسيحية، والاستفادة منه في استذكار الماضي، والاعتبار، والتقييم .
التدوين الشخصي وسيلة للتنفيس عن النفس ، لها آثارها الإيجابية على الفرد والمجتمع، كما أنه وسيلة لمشاركة الآخرين الهموم، والتجارب، فلماذا إذن لا يوجد موقع خاص للتدوين والاعترافات وتوثيق الذكريات والمشاعر ، ليكون ذلك أشبه بأوتوجراف حديث واسع الانتشار .
لذلك كله سأخصص قسما خاصا في موقعي الأمير كمال فرج . كوم www.alamirkamalfarag.com بعنوان "أوتوجراف" لاستعادة ثقافة التدوين الاجتماعية ، وما بها من مزايا ومكاسب.
تاريخ الإضافة: 2017-08-19تعليق: 0عدد المشاهدات :1811