قال الحارث بن سليل الأسدي "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها" ، وهو تعبير عفوي بليغ ، يشير ـ ضمن ما يشير إليه ـ إلى هؤلاء الأحرار الذين يعانون من الفقر والجوع والعوز، ولكن هيهات أن يفرطوا في مبادئهم .
تذكرت هذا المثل عندما قرأت الرسالة التي وجهتها صحيفة الجارديان Guardian البريطانية لقرائها ، والتي تطلب منهم التبرع لها ، نظرا للتراجع الكبير في الإعلانات، مؤكدة فيها أنها لم تلجأ إلى الخيار الذي قامت به صحف أخرى بوضع جدار حماية ، لدفع القراء إلى الإشتراك ، إيمانا منها بحق القاريء في المعرفة والحصول على الصحافة المستقلة.
تقول الجارديان في رسالتها الموجعة الموجهة للقراء :
(بما أنك هنا ...
... لدينا ميزة صغيرة نود طرحها. وهي إن المزيد من الناس يقرؤون الجارديان أكثر من أي وقت مضى، ولكن إيرادات الإعلانات عبر وسائل الإعلام تتراجع بسرعة، وذلك على النقيض من العديد من المؤسسات الإخبارية ، لم نقم بوضع جدار حماية ، فنحن نريد الحفاظ على صحافتنا مفتوحة قدر الإمكان. لذلك يمكنك أن ترى لماذا نحتاج إلى طلب مساعدتكم.
تستلزم صحافة الجارديان المستقلة التي تستقبل الصحفيين الكثير من الوقت والمال والعمل الشاق. لكننا نفعل ذلك لأننا نعتقد أن وجهة نظرنا مهمة - لأنه قد يكون منظورك أيضًا.
"إنني أقدر عدم وجود جدار حماية: فمن الأكثر ديمقراطية أن تكون وسائل الإعلام متاحة للجميع، وليس سلعة يمكن شراؤها من قِبل البعض. يسعدني تقديم مساهمة حتى يتمكن الآخرون الذين لديهم وسائل أقل من الوصول إلى المعلومات. توماسين ، السويد"
إذا كان كل من يقرأ تقاريرنا ، من يحبها ، يساعد في تمويلها ، فإن مستقبلنا سيكون أكثر أمانًا. مقابل أقل من جنيه استرليني واحد ، يمكنك دعم الجارديان - ويستغرق الأمر دقيقة واحدة فقط. شكرا لكم.
كن مؤيدا تقديم مساهمة باي بال وبطاقات الائتمان
...
وبذلك انتهت رسالة الجارديان لقرائها ، والتي تفجر أكثر من قضية ، الأولى : المحنة التي تمر بها الصحافة المستقلة ، في ظل تنامي الدكتاتوريات الإعلامية، وطغيان رأس المال الإعلامي ، والثانية : محنة الصحافة الورقية والتي تتأزم يوما بعد يوم ، رغم وجود فرص مؤكدة للإنقاذ ، والثالثة : افتقاد الكثير من الصحف الورقية والإلكترونية الخبرة اللازمة للتحول الألكتروني الذي يحول المادة الصحفية إلى سلعة مرغوبة ومطلوبة يدفع المستخدم من أجلها المال.
تاريخ الإضافة: 2018-03-31تعليق: 0عدد المشاهدات :1742