أسوأ مرض في العالم العربي هو التعصب ، وللأسف تفشى في الجسد العليل، حتى أصبح مرضا ميؤوسا منه ، والعلاج في هذه المرحلة مستحيل، ما يمكن للأطباء فعله هو العلاج التلطيفي الذي يخضع له مريض السرطان والذي يقتصر هدفه على تخفيف الألم .
التعصب ضارب بجذوره في الشخصية العربية من أيام الجاهلية، والفخر بالأنساب، حيث كان يوجد العبد والحر ، ورغم ظهور الاسلام العظيم الذي جاء ليقضي على الفوارق الاجتماعية ، إلا أن المرض لازال، قد يكون اختفى من الصورة العامة تجنبا للإحراج، ولكنه لازال ينمو ، قد يكمن قليلا لظروف مختلفة، ولكن في اللحظة المناسبة يظهر بأعراضه الكريهة القميئة .
لا نرفض أن يحب المرء وطنه، يتعاطف معه، وينشغل بقضاياه، لا نمانع أن يعتز الانسان بعائلته وقبيلته ، لا نرفض التعاطف والمؤاذرة للأصدقاء والأحباب، ولكن عندما نحتكم ، يجب أن يكون الحكم لأشياء أخرى غير القرابة والمواطنة والجلدة الواحدة ، المعايير العالمية هي الحق والكفاءة والأداء والأخلاق .
التعصب مرض عربي خالص ، لن تجد في الغرب من يفخر بعائلته أو قبيلته أو حتى وطنه، الكل هناك يفخر بشيء واحد هو العمل والأداء والنجاح ، وخدمة المجتمع، لذلك من الطبيعي أن يكون رؤساء كبرى الشركات الأمريكية وافدين، لذلك تقدموا هم وتأخرنا نحن .
التعصب يدمر المجتمعات، ويثير الضغائن، وأيضا هو السبب الأساسي في الفشل التجاري، فإذا قبلنا على مضض التعصب في بعض المجالات ، لا يمكن قبوله في عالم الأعمال ، لأن التجارة لا يمكن أن تجتمع مع التعصب ، والعمل التجاري تحكمه قواعد أخرى تماما هي الكفاءة والأداء والتخطيط والرؤية .
يشهد عدد من الدول دعوات للتوطين، وهذا شيء لاغبار عليه، بل واجب حكومي، ولكن البعض يعتقد أن التوطين يعني إحلال المواطن بدلا من الوافد ، وهذا خطأ ، لأن التوطين الحقيقي يبدأ بتنمية مهارات المواطن لكي ينافس العامل الأجنبي، وهنا تكون الأفضلية للمواطن، والحكومات يجب أن تعمل على تنمية مهارات مواطنيها للمنافسة ليس في سوق العمل المحلي فحسب ، ولكن أيضا العالمي.
تعاطف المرء مع مواطنه وقريبه وصديقه المفضل شيء طبيعي، ولكن إذا كان هذا المواطن أو القريب أو الصديق سيتسبب في خسارة مادية لي كصاحب عمل لن أقبله، قد أجامل في أي شيء، ولكن في مجال العمل الأفضلية للأكفأ حتى لو كان من بلاد الواق واق.
لو كنت مسؤولا عن التوظيف في شركة مصرية مقرها القاهرة، وكان المتقدمين من عدة جنسيات ، الواجب علي أن أوظف الأكفأ حتى لو كان أجنبيا ، وهذا مبدأ معروف، وأي إخلال به يعرض المؤسسة للخطر.
العمل لغة عالمية، له قواعد لم نخترعها نحن، ورأس المال كما يقال "جبان"، والمقوم الرئيسي لنجاح أي عمل هو الكفاءة .
التعصب تسبب في أضرار كبيرة في العالم العربي، لذلك يجب منعه في قطاع الأعمال ، لأن وجوده في هذا المجال له نهاية واحدة وهي الخراب.