أفضِّل موقع فيسبوك لأسباب عدة، أهمها أن عملية النشر التي يوفرها تشبه كثيرا العمل الصحفي الذي يحتاج إلى مساحة للنشر، وإمكانية نشر صور مرفقة ، وأيضا إمكانية التعديل في النص أو الصور، وهو ما لايوفره تويتر الذي يحاصر المغردين في عدد معين من الكلمات ولايسمح بالتعديل.
ماتكتبه في فيسبوك يمكنك بسهولة تعديله إذا شعرت أنك أخطأت في معلومة ، أو أردت الزيادة في أخرى ، وهذا أمر طبيعي ، وهو يوافق خاصية مهمة في الصحافة الرقمية وهي "التحديث".
أما ماتكتبه في "تويتر" سيسجل عليك، حتى لو أخطأت في تغريدة ، فتعثرت في كتابة حرف أو أسأت التعبير عن معنى ، انتهى ، سبق السيف العزل، والتغريدة سجلت في صحيفة أعمالك، وأصبحت يامسكين عرضة للشرشحة من كل من هب ودب، حتى لو حذفتها لن يتركوك في حالك، وستظل تجني مازرعت يداك طوال العمر.
ولكن تحديد عدد حروف المشاركة في "تويتر" رغم أنه حصار وتحكم وجبروت، يعتبر ميزة ، لأن الإيجاز في حد ذاته نعمة، وقد علمتنا الثقافة العربية بما تملك من إطناب وتفخيم وبلاغة ومحسنات بديعية ميزة قبيحة وهي الثرثرة، فجاء تويتر ليعلمنا الأدب لندرك قيمة الكلمة بل قيمة الحرف، وأن خير الكلام ماقل ودل .
ولكن في "تويتر" مشكلات خطيرة ، أهمها الحسابات الإباحية ، ورغم أن الموقع تمكن في السنوات الأخيرة من حصار هذه الحسابات إلا أنها لازالت موجودة بكثرة، وتشوه الصورة الجميلة التي رسمتها مواقع التواصل .
هذه المشكلة في فيسبوك قليلة بل نادرة ، أي نعم يمكن لأي شخص عمل حساب خارج أو نشر صورة غير لائقة ، ولكن بسرعة تتم محاصرته والتخلص منه ، ويرجع ذلك إلى آليات الرقابة والرفض والمنع والتبليغ المشددة التي يتبعها الموقع.
ومن مشكلات "تويتر" المزمنة "الذباب الألكتروني"، وهم مجموعات من مرتزقة الإنترنت ، توظفهم جماعات ودول للترويج لسياسات معينة ، لقد اشتعلت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة ، وأصبحت ظاهرة عربية بامتياز، حتى بدا تويتر ساحة للهاشتاجات المزيفة تشبه حرب داعس والغبراء، وهو ما أفقد الموقع أهم عنصر وهو المصداقية.
فيسبوك متشدد في اجراءات الأمان لديه، فإذا أرسلت طلب صداقة إلى امرأة لاتعرفها، ياويلك ياسواد ليلك، ستصلك رسائل تهديد ووعيد من الموقع، وقد ينتهي الأمر بحظرك لمدة معينة، وهذا الوضع في تويتر غير موجود، فلك أن تتابع من تشاء ، وإذا رغب أحد أن يمنع أحدا من متابعته أمكنه ذلك بهدوء ويادار مادخلك شر . باختصار فيسبوك يميل بتحفظاته العديدة إلى النظام الداعشي ، بينما يميل تويتر إلى أبي نواس.
ولكن رغم ذلك يتقدم فيسبوك في سباق الأخطاء ، حتى أني وصفته ذات مرة بـ الموقع الغبي"، فهناك أخطاء فادحة في نظام التعرف على الوجوه ، وأيضا في تصنيف المواد التي لا تتفق مع قيم المجتمع ، وأيضا في تصنيف المواد المضللة الخاصة بفيروس Covid 19.
فيسبوك يتفوق بعدد مستخدمين تجاوز 2.5 مليار مستخدم ، بينما تويتر ـ رغم الشنة والرنة ـ لم يتجاوز مغردوه 330 مليون مغرد نشط.
والأفضل من هذا وذاك هو لينكدإن ، ليس لأنه مختص بغرض مهم وهو التوظيف، ولكنه لأنه ساحة مشرعة للاستفادة وتطوير المهارات وتنمية الذات.
الخلاصة أن مواقع التواصل ـ بالمزايا والعيوب ـ طورت أسلوب التواصل الانساني ، وغيرت مفهوم الإعلام ، وقربت الشعوب ، واستنهضت الهمم ، وزادت من الوعي ، وعززت الديمقراطية، وجعلت العالم المترامي الأطراف شاشة صغيرة هي شاشة الموبايل.
تاريخ الإضافة: 2020-10-08تعليق: 0عدد المشاهدات :1064