هناك من يعطيه الله موهبة الرسم فيستخدمها في تزوير النقود، وهناك من يمنحه موهبة الإخراج فيخرج أفلام بورنو، وهناك من يمنحه الذكاء فيستخدمه في النصب والاحتيال.. في السجون مبدعون يملكون المواهب، منحهم الله قدرات خصهم بها، وبدلا من استخدامها في الخير استخدموها في الشر، وبدلا من أن يكونوا أدوات للبناء، أصبحوا معاول للهدم.
الرسام الدانماركي كورت فيسترغارد، الذي أنتج رسوما مسيئة للنبي محمد نشرت في صحيفة ييلاندز بوستن في سبتمبر 2005 ، ثم تبعها رسامون بصحيفة تشارلي إبدو الفرنسية، هؤلاء الرسامون نماذج للتوظيف السييء للموهبة، لا يختلفون عن الموهوب في الرسم الذي وظف موهبته في تزييف العملة، أو المخرج الذي أنتج أفلام بورنو، هم لاشك نماذج لانحراف المبدع .
الكاريكاتير فن البسمة والضحكة والنقد والسخرية، رسمة واحدة تختصر مئات الكلمات ، ولنا أن نوظفه في مناقشة القضايا أيا كان نوعها، لنا أيضا أن نستخدمه في النقد اللاذع للسلوكيات والمواقف والأشخاص، ولكن شريطة أن يكون هذا النقد هادفا، ولكن حفنة من حثالة الفن جعلوه كاريكاتير الدم والبغض والكراهية .
ليس من حق رسام الكاريكاتير أن يستخدم فنه في هدم قيمة، ولا إهانة جماعة، أو التحقير من الأشخاص، أو التعبير البغيض الكريه عن الحقد تجاه طائفة أو دين . هناك فرق بين الفيلم التوعوي وفيلم البورنو، مافعله رسامو تشارلي إبدو الفرنسية ومن قبلهم ييلاندز بوستن الدنماركية استغلال سييء للفن ، وانحراف صارخ بقيم الكاريكاتير إلى أغراض شيطانية .
لن أناقش الغرض المادي في الموضوع، والذي ظهر في تعثر الصحيفة المسيئة أكثر من مرة، وكيف استغلت الرسوم المسيئة لزيادة التوزيع، ولن أناقش دعم الغرب المريب لهذه الرسوم التي تنسف قيم التسامح والتعايش واحترام الآخر، وتعكس الرعب من المد الاسلامي في أوروبا، .. لن أناقش قضية حرية التعبير التي يتشدق بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في الوقت الذي غضب عندما نشر الرئيس البرازيلي تعليقا مسيئا لزوجته، وقام بالرد عليه في مؤتمر صحفي خاص.
لن أناقش ازدواج المعايير في الغرب، فبينما يجرمون معاداة السامية، يشجعون بخبث معادة الاسلام وإهانة رموزة بالقول والفعل والرسوم المسيئة، .. لن أتطرق لرد الفعل المتطرف من قبل قلة نادرة من المسلمين بالقتل والذبح، وفي المقابل محاولة البعض استغلال ذلك لوصم الاسلام بالإرهاب، .. قضيتي هنا اختطاف الفن واستغلاله في أمور شائنة وقبيحة ، وهذه برأيي القضية الأساسية .
لدينا آلاف من رسامي الكاريكاتير المبدعين الذين يمكنهم ـ لو أرادوا ـ الرد على الإساءة الدنماركية والفرنسية، ورد الصاع صاعين وثلاثة، ولتكن مباراة ونرى من سيفوز؟، ولكن هذا لن يحدث، ليس فقط لأن للمسيح عليه السلام قدسية خاصة لدى المسلمين، ولا يمكن الإساءة إليه، ولكن لأن الفن لدينا ـ ولدى العالم ـ محكوم بقيم واعتبارات، والرسام الحقيقي لديه مهمة أساسية وهي البناء وليس الهدم، التجميع وليس التفريق ، التعاون وليس التباغض .
الرسوم المسيئة للرسول الكريم بجانب كونها إهانة واستفزاز وعمل عدائي لأكثر من 1.8 مليار مسلم، هي اعتداء صارخ على قيم الفن عامة وفن الكاريكاتير خاصة ، هذا الاعتداء الذي يجب أن يواجه بكل حزم.
تاريخ الإضافة: 2020-10-31تعليق: 0عدد المشاهدات :1334