تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



الرحلة رقم 514 | محمد إدريس


     عندما أعلن عن قيام الرحلة رقم  514 التابعة للخطوط الجوية الملكية الأردنية المتجهة إلى دبي ، حملت حقيبتي وتوجهت الى قاعة المغادرين ، حيث تجمع المسافرون استعداداً للإقلاع .          
     كانت القاعة مليئة بالركاب من كافة الجنسيات العربية والأجنبية ، ومن مختلف الأعمار ، فقد كان الوقت صيفاً ، وموسم الإجازات قد قارب على الإنتهاء .
      بعد أن أنهينا إجراءات المغادرة ، والتي استنفدت منا الكثير من الوقت ، والكثير من المعاناة ، ركبنا الحافلات الكبيرة واتجهنا الى الطائرة الرابضة بعيداً عن مبنى المطار .
       عندما وصلت ، كانت المقاعد قد شغلت بالكامل ولم يبق منها شاغراً إلا العدد القليل ، ناولت تذكرتي إلي المضيفة الحسناء التي كانت في استقبالنا ، فقادتني إلى منتصف الطائرة تقريباً ، حيث أشارت الى أحد الأمكنة ، وابتسمت ابتسامة ذات مغزى .
       كان هناك مقعدان أحدهما شغلته امرأة بدينة في الثلاثينات من عمرها ، والآخر نصف خال تقريباً ، حيث فاض جسد المرأة السمينة عليه ،  وحجبه حتى نصفه .
        جلست في الحيز الخالي من المقعد بشق الأنفس ، وأنا ألعن الحظ العاثر الذي قادني إلى مثل هذا المكان ، وإلى مثل هذا المقعد ، حيث جارتي البدينة جداً ، تكاد تسد علي الفضاء ، وتكاد تخنق أنفاسي .

         تشاءمت من هذه الجلسة غيرالمريحة ، وشعرت بالضيق والغضب من هذا الوضع البائس ، ومن هذه المرأة التي تجلس بجانبي ، وتسبب لي كل هذه المعاناة ، خاصة وأن الرحلة سوف تستغرق أكثر من ثلاث ساعات متواصلة .
       دعوت الله - في سري - أن يساعدني ويخلصني من هذا المأزق الصعب ، ومن هذه الجلسة الخانقة ، وأن يجعل لي مخرجاً .

     قبل الإقلاع بقليل جاء أحد المضيفين وسأل المرأة البدينة بعصبية وانفعال :
-    من الحمار الذي أجلسك هنا ؟ إنك تسدين باب الطوارىء !
            ارتبكت المرأة البدينة وتلعثمت ، ولم تدرِ ماذا تقول ، إلا ان المضيف لم ينتظر ردها ،  وأمرها بأن تنهض و تتبعه فورا .
       عندما خلا لي المكان  ، تنفست الصعداء ، وحمدت الله كثيراً على هذا التغيير ، الذي حررني وجعلني اجلس على راحتي دون ازعاج ، ودون مضايقات ; فقد أصبحت حراً طليقاً ، وصار بإمكاني أن أجلس على راحتي ،  وأمد جسمي كما أريد  .

        أقلعت الطائرة ، وظل مقعد المرأة البدينة بجانبي فارغاً ، دون أن يشغله أحد، كانت فرحتي غامرة ، وسعادتي لا توصف ، فقد خلا المكان ، وتغيرت الأحوال ، ولأول مرة شعرت بأن الطائرة واسعة ، وبالهواء بارداً ، وبالجو نقيا .
" سبحان مغير الأحوال " تمتمت في سري مراراً وتَكرارا ، وحمدت الله كثيراً لأنه استجاب لدعوتي وجعل لي مخرجا !

      بعد قليل جاءت إحدى المضيفات الفاتنات التي تقطر جمالاً ورقه واستأذنت بالجلوس إلى جانبي ، فقلت لها على الرحب والسعة .
    عندما جلست المضيفة بقربي ، شعرت بأنها ريشة أو نسمة - على رأي محمد عبدالوهاب - في ليالي الصيف  ، كانت جارتي الجديدة قمة في الجمال ، وغاية في الأناقة ،
      كلما راحت أو جاءت فاح عطرها ، وانتشر عبيرها في أرجاء المكان .
" شتان ما بين الثرى والثريا " قلت في سري .
 
   طوال ساعات الرحلة أخذت بتجاذب أطراف الحديث معها،  وخضنا  في شتى مناحي الحياة ، فقد كانت المضيفة من بلدي ، ومن مدينتي نفسها، حتي أننا أصبحنا صديقين ، كأننا نعرف بعضنا بعضاً منذ زمن طويل .
 كانت سمراء فارعة ، تكاد تفيض رقة وعذوبة ، وكأنها جاءت من كوكب آخر .

       خدمتني الظروف فقلبت حظي السيء مئة وثمانين درجة ، وجعلتني اتمتع بسفر مريح وهانىء ، وأحظى برفقة جميلة وساحرة ، بعد أن خيل إلي أنني سأختنق في بداية الرحلة ،

        بعد مضي بعض الوقت ،  ذهبت الى "التواليت " في آخر الطائرة ، فوجدت المرأة البدينة تفترش المقعدين الأخيرين -  لا يشاركها فيهما أحد - وتغط في نوم عميق .


تاريخ الإضافة: 2022-12-23 تعليق: 0 عدد المشاهدات :263
1      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات