الشارقة : أمسيات وندوات.

ضمن فعاليات "منتدى الثلاثاء"، نظم بيت الشعر في الشارقة أمسية احتفالية باليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام، شارك فيها الشعراء الدكتور حسين الرفاعي من الإمارات، والدكتور أسامة تاج السر من السودان، وحسن المطروشي من سلطنة عمان،  ووفاء جعبور من الأردن، وقدمها  الشاعر عبدالله الهدية، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير "بيت الشعر" في الشارقة.

تحدث مقدم الأمسية الشاعر عبدالله الهدية، مهنئا بيت الشعر في الشارقة على الإنجاز الذي حققه، بحصوله على "جائزة الشاعر عبدالله الفيصل" لأفضل مشروع ثقافي يخدم الشعر العربي، وأرجع الفضل في ذلك لرعاية ودعم حاكم الشارقة عضو المجلس الأعلى للاتحاد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي راعي الثقافة في العالم العربي، والذي راهن على نجاح المشروع الثقافي في الشارقة وكسب الرهان، كما شكر رئيس دائرة الثقافة في الشارقة عبدالله العويس، وخص بالشكر الشاعر محمد بن عبدالله البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة الذي يقوم  بدور كبير في رعاية ودعم واحتواء كل الأصوات الشعرية.

قصائد الأمسية في مجملها كانت بمثابة قصائد حب في عشق اللغة العربية، أصبحت اللغة فيها ليس فقط مجرد لغة، ولكنها هوية ووطن وملاذ وحبيبة، وبرزت فيها الصورة الفنية المميزة، والتجربة الشعرية الصادقة، والتجديد على مستوى الصورة والفكرة.

لغة الجمال

ـ ألقى الشاعر حسين الرفاعي عددا من القصائد من ديوانه الخاص عن اللغة العربية، والذي صدر مؤخرا بعنوان "لغة الجمال". يقول في إحدى قصائده التي يصف فيها اللغة العربية التي يعشقها منذ الطفولة، وما تميزت به من عذوبة وجمال وسمات نبيلة تجسدت في الشعر العربي القديم:

"قد قلت حقا ما نطقت عن الهوى

ما ضلّ شعري إذ وصفت وما غوى

والله ما وفيت بعض حقوقها

دون الوفاء بذاك تنهدّ القوى

ولقد سقت شعري عذوبة منطق

من كفها حتى تملأ وارتوى

ويكاد حرفي أن يجنّ بحبها

كجنون قيس من تباريح الهوى

فإذا سمعت البدر يذكر حسنها

يروي أحاديثا فعن قلبي روى

يا من لها أخلصت ودي صادقا

ثمر المودة قد تأنق واستوى

يا منيتي قسما بمن فلق النوى

شعري لأجل علاك قد حمل اللوا

ولأنت نجم في سمانا ساطع

والأخريات لهنّ نجم قد هوى

أنا ما عشقتك منذ بدء طفولتي

بل مذ بكى الباكون في سقط اللوى

مذ ودع الأعشى هريرة نائحا

مذ ألفت ولقد أبيت على الطوى

مذ أنشدت عفت الديار محلها

بقيت كورد ما تيبس آو زوى

مذ أشرقت فينا عدمنا خيلنا

فكأنها بحر على الدر احتوى

مذ قال كعب في الرسول قصيدة

أحسست أن العز فيها قد ثوى

مذ ذاك والأشواق تغمر مهجتي

فلك الشعور وما عليه قد انطوى

ولك المحامد والمفاخر والعلا

ولك الوفا ولك الفؤاد وما حوى"

اللغة والهوية

ـ وألقى الشاعر الدكتور أسامة تاج السر عددا من قصائده عبر فيها عن الاعتزاز والفخر بهويته العربية الموغلة في العراقة والقدم، ليعبرمن خلالها محطات تاريخية نمت فيها اللغة وازدهرت حتى أصبحت سيدة اللغات، يقول في قصيدته "هويّتي" :

"وقَّعْتُ من جَرسِ الصَّهيلِ غنائي

وسَقَفْتُ من سعفِ النخيلِ سمائي

وصقلتُ صوتي صادحًا بصبابتي

لُغتي حُداءُ العِيْسِ في الصَّحراءِ

لغةٌ كأنَّ اللهَ أورثَها الحِمى

تعويذةٌ عُرِضَتْ على الشُّعَراءِ

مُذْ علَّمَ الأسْماءَ آدمَ لمْ تكنْ

إلا سنامَ أولئكَ الأسماءِ

نادمتُ فيها حُندجًا ومُهلهلًا

فشربْتُ نخبَ خريدةٍ عذراء

قدْ عُتِّقتْ ألفي غرامٍ طاعنٍ

في الروحِ، ثُمَّ دنتْ على استحياء

طافتْ بِنا في خِدرِها حتى انجلتْ

عنْها عَمايتُها، لغيرِ عماءِ

فتجرّدتْ لابن الحسينِ كأنّها

وقفتْ تراودُه بغير إناء

لغتي مرايايَ انعكاسُ هُويتي

وكأنّ أخيلتي غصونُ الماءِ"

أمنا الأولى

ـ وألقى الشاعر حسن المطروشي عددا من القصائد في عشق اللغة، فكانت اللغة لدية "أنثى الضياء"، و"لون دمائه"، لها "نكهة الفرح"، يقول في قصيدة "أنثى الضياء":

"أنثى الضياء خريطتي وسمائي

هي صوت أسلافي ولون دمائي

هي آخر السجدات أحفظ عن أبي

آثارها السمراء في سيمائي

مثل الطيور نشأت في ملكوتها

وعلى جناح براقها إسرائي

أمضى وتكتبني الرياح قصائدا

في رملها وتحفّني أسمائي

هي نكهة فرحي المقدس لذة

النجوى وثرثرة الهبوب لمائي

هي أمنا الأولى وتنجب أخوة

لي كل يوم يعبرون هوائي

من قمة الأوراس تفتح قلبها

وتمده حضنا غلى صنعائي

عذراء سيدة اللغات تعدني

كي ما أفسر للطلول بكائي

أحصي مفاتنها لأكمل سيرتي

وأتم مثل العاشقين غنائي"

لغة العشاق

ـ وألقت الشاعرة وفاء جعبور عددًا من قصائدها، ومنها قصيدة عن اللغة العربية وصفتها بالجميلة التي يطمح لوصلها العشاق والمحبون، تقول فيها :

"لغة تضيء بحرفها من أضلعي

هامت أصابعها ببعض توجعي

ما كنت سكرتها إذا خمر دنا

لكنها من نشوة تمشي معي

لو أن عاشقها خلال بجمالها

ما كان للغرباء بضع الموضع

لكنها لغة تخبيء سحرها

والسحر ياقومي فدا المترفع

دنت الفصاحة أي سر خلفها

تمشي على جسد رقيق يانع

خلخالها سجع ورقصة مهرة

بهوية عربية لم تركع

يرتاح عاشقها على أبوابها

فلغير قرع خيولها لم تشرع

يمشي المحب على المجاز كأنه

صياد ضحتها هناك أتسمعي؟

بك يرتوي الظمآن في صحرائه

يا نخلة سقيت بطهر المنبع"

ـ وفي ختام الأمسية كرّم الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة الشعراء المشاركين ومقدم الأمسية، حيث التقط الصور التذكارية.