تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



خريطة الوطن | الأمير كمال فرج


أنا مشغول بالوطن، أضع على جهاز الكمبيوتر الخاص بي خريطة جغرافية توضح مناطقه، ومجرى نهر النيل شريان الحياة فيه، الخريطة تتكون من قسمين، على اليمين الخريطة الحالية، ويظهر فيها العمران كشريط نحيل ضعيف ملتصق بنهر النيل، وعلى اليسار خريطة أخرى توضح رؤيتي لمصر المستقبل، وفي كل مرة أضيف على خريطتي مساحات من الخضار كالعاشق الذي يجمل محبوبته كل يوم.

نحتاج دائما إلى الخريطة في كافة مناشط الحياة، فعلى المستوى الشخصي تساعدنا في معرفة عنوان معين، لنصل إلى المطلوب بسرعة، ونتجنب التوهان، أو معرفة طبيعة الطقس، حتى نحدد نوعية الملبس الذي نرتديه، ونتجنب أمراض المناخ، كذلك معرفة مواقع البلدان والمدن، خاصة في الوقت الذي تطور فيه مفهوم الوطن، وأصبح وطن الإنسان الحقيقي هو العالم الكبير، وعلى مستوى الدولة تستخدم الخريطة في أمور كثيرة صناعية، واقتصادية، وأمنية، وعسكرية.

والخريطة لا تستخدم فقط في الأمور المادية الملموسة، ولكن أيضا في التخطيط للمستقبل، لا يكفي أن يظل الحلم فكرة محلقة يمكن أن تطير، ولكن يجب أن يعرف الشخص واقعه، وتضاريسه، وإمكانياته، وحلمه، ويضع استراتيجية لتحقيق هذا الحلم، الحلم بدون خريطة سيعرضك للاصطدام بعمود النور، أو السقوط في بالوعة المجاري، الأحلام أيضا تحتاج إلى خريطة، تماما كقادة المعارك عندما يتجمعون حول خريطة مجسمة تبين أرض المعركة وطبوجرافية المكان، ويمسك كل منهم بعصا، ويشيرون بها، ويتحاورون، ويحددون الخطة العسكرية التي تحقق النصر.

في الماضي كانت خريطة الوطن عنصرا أساسيا في الفصول المدرسية والمكاتب حتى في المنازل، وكان "الأطلس الصغير" بنسخته الكبيرة وطبعته الفاخرة ضمن الكتب الدراسية المجانية، كان هناك اهتمام بالخريطة كإحدى أهم وسائل المعرفة، وكان هناك تدريب في حصة الجغرافيا على التعرف على رموزها وألوانها ومدلولاتها المختلفة، ولكن الخريطة اختفت في هذا العصر، لا أدري لماذا؟.

غياب الخريطة من المنازل والمدارس والجامعات والمصانع والمؤسسات، حتى المقار الحزبية تسبب في حالة من الجهل الجغرافي والسياسي اشترك فيها فئات عديدة بدءا من المواطن العادي وحتى المسؤول الكبير، وإذا أجريت استطلاعا بين الشباب حول مناطق مصر الجغرافية، وسألت أسئلة عادية مثل مكان محافظة ما أو مدينة ما، وعن الدول التي تقع على الحدود الشمالية أو الغربية ستفاجأ بإجابات مضحكة.

لماذا تغيب ثقافة استخدام الخريطة في العالم العربي، في الوقت الذي  تعتبر أساسية في الغرب تستخدم في كل مكان، فالغربي يحمل الخريطة دائما، يتحرك بها في الولايات والدول، وتساعده في الوصول إلى وجهته دون أن يسأل أحدا، وأول ما يبحث عنه السائح الغربي عندما يزور بلدا، هو الخريطة، تلازمه في جميع تحركاته، والأهم أنه يعرف كيف يقرؤها ويفسر رموزها.

أما عندنا فلدينا ثقافة أخرى، وهي ثقافة السؤال، فإذا أردت أن تعرف مكان عنوان معين استوقف أي شخص واسأله، ستفاجأ باهتمامه الشديد، وتفانيه في وصف المكان لك، وربما يتطوع ليخبرك عن المباني المجاورة، وأن هناك محلا يقدم تخفيضات معينة، وربما يضع يده على كتفك في أبوية غريبة، ويتعامل معك كالطفل التائه، وأحيانا يدفعه التعاطف معك إلى أن يصحبك ليقربك من العنوان الذي تريده.

ورغم البعد الإيجابي في ثقافة "النجدة" باللهجة المصرية ـ أو "الفزعة" ـ باللهجة الخليجية ـ إلا أن استخدام الخريطة يقدم لك المعلومات الكاملة، ويساعدك على التعرف على جغرافية الشوارع والمدن، وقد ساعدت التقنية على تطور الخريطة، فبعد أن كانت خرائط ورقية مثنية إلى مجموعة طبقات حتى يسهل حملها، أصبحت موجودة على الهاتف الجوال، ليس ذلك فحسب، وإنما تقدم أجهزة الاتصالات خدمة تحديد المواقع، كما يوجد محرك البحث "جوجل إيرث" وإمكانياته الرهيبة حيث صار بوسعه أن يكشف لك فتاة تتناول طعامها داخل غرفتها بفندق في العاصمة الفرنسية باريس.

أتمنى أن تعود خريطة العالم الورقية الكبيرة لتتصدر المنازل والمكاتب ومقار العمل، وأن نعتني بنشر "ثقافة الخريطة" ليس ذلك فحسب، ولكن أن تكون وسيلة لمعرفة الذات والوطن والعالم، وأن نستخدمها في معرفة الوجهة السياحية وطبيعة الطقس، محليا وعالميا. والأهم أن تستخدم في الحلم، وذلك بتقديم رؤى مستقبلية للوطن.

فلو عرف الطالب خريطة مستقبله ووضعها أمامه لنجح وحقق هدفه، ولو عرف المسؤول خريطة عمله، والمطلوب منه، لأدى عمله على أكمل وجه، ولو عرف رئيس الدولة خريطة بلاده، وعلقها في غرفة نومه، واستيقظ خلال نومه بالبيجامة  3 مرات ليتابعها، لحقق الكثير من خطوات التنمية وقفز بالوطن قفزات هائلة.

يجب أن تعود الخريطة في حياتنا كعنصر مهم للنجاح والمعرفة، وأيضا لتكون عنصرا أساسيا للحلم، تماما كالعبدلله الذي يضع خريطة مصر أمامه، ويضيف إليها من حين لآخر الخضار كالعاشق الذي يجمل حبيبته.
تاريخ الإضافة: 2014-04-07 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1115
0      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات