تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



جديّة الأدب الساخر | الأمير كمال فرج


الضحك رد فعل طبيعي، ووسيلة تعبير مثل الحزن والغضب والشوق والخوف، وأظهرت الأبحاث فوائده الجمة من الناحية العضوية والنفسية، فللفكاهة دور مهم في تأكيد المفاهيم والأفكار وتعزيز المشاركة وتحسين الصحة النفسية.
وقد عبرت الآداب عن المشاعر الإنسانية بمختلف مظاهرها، فجسدت الحزن والفرح، والجد واللعب، والهزل والحقيقة، ومن خلال الأدب الساخر عبرت عن روح الفكاهة الخلاقة عند الإنسان.

والأدب الساخر يعتمد في إيصال الفكرة على المفارقة، والتناقض والمبالغة والقوالب المرحة، والنقد الاجتماعي، وفي سبيل ذلك يلجأ الكاتب إلى مجموعة من الأساليب اللفظية والبلاغية والاجتماعية التي تكشف الواقع وتسخر منه، لتنبه إلى مكامن الخلل فيه.

والأدب الساخر أدب قديم، قدم الإنسان نفسه، وقد اتخذ الفراعنة تمثال "بس" رمزًا للفكاهة، وكتبوا النكات على جدران مقابرهم، واستخدم سقراط السخرية ليعرف مواطن الضعف ويحدد  الأفكار الصحيحة.

ولكن الأسلوب الساخر تطور بشكل متتابع، وظهر في فنون التعبير المختلفة، مثل السرد والشعر، كما ظهر في الفنون بمختلف أنواعها، المرئية والمسموعة، كما ظهر في التمثيل من خلال الكوميديا (الملهاة)، والمونولوج، كما ظهر في المسرح والسينما والموروث الشعبي، وفي الصحافة من خلال الكاريكاتير، والمجلات الساخرة مثل "التنكيت والتبكيت"، "البعكوكة"، "البغبغان"، "أبو نضارة"، وحديثا ظهر في الملابس التنكرية والكوميكس والأفاتار.

والسخرية متجذرة في حياتنا الاجتماعية، فهناك التفكّه "التعجب" والتندر والنكتة والنوادر والمثل والأضحوكة والأمثولة، وغيرها من مظاهر السخرية التي تكون أحيانا لاذعة ومريرة، وفي التاريخ العربي هناك العديد من الظرفاء الذين أشاعوا البهجة في حياتنا بمواقفهم ونوادرهم المضحكة، ولعل أبرزهم شخصية "جحا"، وهو شخصية حقيقية لرجل فقير كان يتعامل مع المواقف بأسلوب ساخر.

والسخرية الأدبية تختلف عن الكتابة الساخرة، وهي أبعد ما تكون عن السبّ والشتيمة، فهي أسلوب فني يتطلب الكثير من الالتزام والجدية، وقد يكون أكثر الكتاب سخرية أكثرهم جدية، وقد تكون البسمة الساخرة أفضل طريقة للتعبير عن البؤس.

ورغم وجود أدب ساخر، يعتمد كليّة على الفكاهة، إلا أن السخرية كانت دائما عنصرا أساسيا من عناصر التعبير الأدبي، ومقوم أساسي من مقومات اللغة نفسها، فهي موجودة في الألفاظ والمعاني والتراكيب اللغوية والبلاغية والأنماط الموسيقية، وحتى القواعد النحوية، ففي العمل الأدبي تتم السخرية عن طريق الاستعارة والكناية والتورية والتلاعب اللفظي، وعن طريق المحسنات البديعية تتحول السخرية من فعل مباشر إلى صورة فنية وإبداعية مؤثرة.

وفي الأدب العربي قائمة طويلة من المبدعين الساخرين الذين وظفوا السخرية في التعبير الأدبي، فنجدها عند جرير والفرزدق في النقائض، وعند الجاحظ في "البخلاء"، وابن المقفع في "كليلة ودمنة"، وبديع الزمان الهمذاني في مقاماته، وتجدها كذلك في لوحات سلفادور دالي ورباعيات صلاح جاهين.

والأدب الساخر موجود في العالم منذ قرون، وقد حظى باهتمام الأوربيين والأمريكيين منذ وقت طويل، ومن كتابه  في الغرب : جيمس برانش كابل، توفي يانسون، فريدريك شليجل، ومن كتابه العرب : عبدالعزيز البشري، يحيى حقي، أحمد بهجت ، محمد التابعي،  محمد عفيفي ، مأمون الشناوي،  يوسف معاطي، محمود السعدني.

ورغم وجود الأسلوب الساخر في كل فنون التعبير الأدبية، افتقد دائما للحركة النقدية المنظمة، وربما السبب في ذلك هيمنة التراجيديا على الثقافة العربية، وغياب أدب الفرح، وسيطرة النظرية النقدية القديمة التي تقول أن المعاناة فقط هي منبع التجربة الشعرية الصادقة.

نحن بحاجة إلى سبر أغوار الأدب الساخر، وتحديد سماته الأدبية والإبداعية، وتدشين حركة نقد فاعله له، والفوائد هنا ستكون مضاعفة، فمن جانب، تطوير هذا النوع المؤثر من الأدب، ومن جانب آخر تعظيم الفوائد النفسية والاجتماعية التي تحققها البسمة والضحكة والسخرية، وهي فوائد أثبتتها الدراسات الحديثة.

تاريخ الإضافة: 2024-01-21 تعليق: 0 عدد المشاهدات :307
2      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات