الشارقة: كتب.
وسط حضور ثقافي وإعلامي لافت، وقعت الكاتبة السورية المبدعة هديل غانم روايتها «باندورا» التي تلامس الواقع وتستلهم الأسطورة، وتحلق في فضاء السرد بلغة خاصة وأسلوب فني بديع.
تدور أحداث هذه الرواية خارج حدود الغرف الضيقة والمظلمة، إنها حكاية عشق الحياة غير تقليدية، بطلتها امرأة من هذا الزمن، تجسد تخاريف المجتمعات وإرهاصات العصر. سافرت بحقيبتها المهترئة وحطّت في مدن غير تقليدية. حملت همومها ومخاوفها في صندوقها الأسود الصغير، وأغلقت عليه بالمفتاح. ومن ثم عثرت على شيفرة الولوج إلى تلك العوالم الساحرة، حيث يسمح للمرأة أن تمارس الحب، أن تتحرر من عقلها وجسدها وروحها المتعبة، وتلقي بنفسها على شواطئ الأمان، لتغسل أمواج البحر ذنوبها وآثامها. في عالمها يسمح للمرأة أن تخنث بوعودها المجتمعية والدنيوية، وترفع عن كاهلها أوزار أعراف وتقاليد بالية، سرقت طفولتها وصباها وأنوثتها، وتركتها خاوية إلا من وسوسات الخوف والقلق.
من أجواء الرواية : "ظلام كثيف، وفراغ لا متناه، وبقعة الضوء ساكنة في وسط المشهد كل هذا الظلام غير قادر على إطفائها. سكون مريب يفضح جمود هذا المكان.. كل كل شيء يبدو ميتا لا نبض فيه. ما هذا الحلم المزعج؟، حاولت أن تتعرف على هذا المكان الخيالي الذي انتقلت إليه بفعل نشاط دماغي لا واع.
"لماذا أحلم الآن"؟. تساءلت في سرها. ثم قاومت رغبتها في الاستيقاظ، وتحلت بالشجاعة لمواجهة مخاوفها. يقولون إن أعلى درجات الخطر يقابلها أدنى درجات الخوف، بدا المكان مخيفاً للغاية بجدرانه المتسخة وأثاثه المهلهل. دفعت باباً يفصل بينها وبين المجهول، ازداد الظلام اتساعاً، وشعرت ببرد شديد يجتاح أوصالها. لم تكن ترغب في الاستيقاظ الآن، فقد دفعها الفضول لمعرفة المزيد عن هذا السواد، وأمام غرفة نوم كتيبة وقفت تتأمل جدرانها التي تناثرت عليها وريقات صفراء صغيرة.
اقتربت منها في تردد، وحاولت قراءة ما كتب عليها: " إنه لا يحبك" .. "هو يتلاعب بمشاعرك ".. "سيهجرك قريباً" .. "أنت لا شيء". "لا شيء" . "لا شيء". أخذت الجدران تضيق وتضيق من حولها، حاولت الهروب لكن باب الغرفة كان موصداً، هرعت إلى النافذة المغطاة بطبقات من الستائر الثقيلة، لم تتمكن من إزاحتها. نظرت في كل الاتجاهات لا مخرج، أغلقت عينيها واستسلمت للأمر"
يذكر أن هديل غانم كاتبة صحفية سورية من مواليد القاهرة، درست فى كلية الإعلام «قسم الصحافة» بجامعة دمشق، عملت مراسلة صحفية فى دار «الخليج» ودار «البيان» الإماراتيتين، وكتبت فى العديد من الصحف والمجلات العربية. صدر لها- سابقاً- كتاب بعنوان «ثقافة القتل» عن دار الياسمين للنشر والتوزيع ، ويتناول أشهر الاغتيالات السياسية فى العالم، و«هوليوود.. صناعة الأثر»، الصادر عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع فى الأردن، والذي يوثق لمدينة هوليوود كأداة إعلامية عملاقة سخرتها أمريكا كى تتحكم فى العالم، وذلك من خلال قوة المشهد السينمائى، وتأثير نجومها، والرسائل الخفية التى تبثها تحت راية الترفيه.
هديل غانم مزيج من اندماج الثقافتين السورية والمصرية، وقد أتاحت لها هذه الثنائية رؤية إبداعية أكبر، ينطبق عليها قول شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته "سوريا ومصر":
"لمصر أم لربوعِ الشامِ تنتسبُ
هنا العُلا وهناك المجدُ والحسبُ"
هديل غانم سليلة "عائلة مثقفة" قدمت العديد من الأدباء والصحفيين والمفكرين، وفي مقدمتهم والدها الأديب والصحفي نواف يونس، رائد الصحافة الثقافية، وهو مؤلف مسرحي وناقد وأديب سوري، حصل على جائزة شخصية العام الثقافية في الشارقة للعام 2008، وهو مدير تحرير مجلة الشارقة الثقافية، وأحد المساهمين بصورة فاعلة في العديد من الملتقيات والمهرجانات الثقافية العربية، وكان للعائلة المثقفة دور مهم في تكوينها الثقافي والمعرفي.
الصورة الرئيسية : هديل غانم تهدى نسخة من كتابها إلى والدها الأديب والصحفي نواف يونس
الصور: صور متنوعة من حفل توقيع رواية "باندورا" لهديل غانم في معرض الشارقة الدولي للكتاب 43.