"ظلم المرأة"، .. أسوأ موروث اجتماعي تناقلته العرب منذ عادة وأد البنات في الجاهلية، ومن مظاهر هذا الظلم إهمال رأي المرأة، كيف لا وهي في نظرهم "ناقصة عقل ودين"، سقط متاع، آلة للإنجاب، "جاهلة، مهما صعدت فهي مقلدة وعامية"، كما قال أحد شيوخ الضلال.
أما الرجل فهو العارف الذي لا يعرف، الحكيم، العالم ببواطن الأمور، "الرأي رأيه والشورى شورته"، وقد عزز العرف الاجتماعي الغبي ذلك، فكلمة الرجل لا تنزل أبدا حتى لو كانت خاطئة.
حتى في علم الاجتماع العربي يعلمون المرأة الكذب، والتغابي، والتسليم بما يقوله الزوج، ومدحه، والتغزل فيه، حتى ولو كان حمارا، حتى تكسب رضاه، وتربي العيال، وتحافظ على "لقمة العيش" التي تأكلها في بيته.
الظلم التاريخي للمرأة في العالم العربي كانت مراجعه أحيانا ثقافية، أو نفسية، أو بيئية، ولم ينجح "الدين" رغم عظمته، وإعلاءه لمكانتها، ووصايا الرفق بالقوارير في تغيير هذه العقيدة الفاسدة.
ورغم تمدين المجتمعات، وسفر المبتعثين والمهاجرين، ظلت "المرأة" عقدة العربي التي لا تنفك أبدا، حتى أصبح ظلمها "عادة اجتماعية".
تسلط الرجل على المرأة امتد حتى إلى الملبس، وطريقة المعيشة، والدراسة، والصديقات .. حتى عند زواجها، فالرأي رأي الأب، أما هي فلا حق لها في الاختيار.
تبعية المرأة الاقتصادية ترتب عليها "تبعية الرأي"، لقد صادر الرجل حنجرتها وصوتها، وسرق ميراثها، وهذا الانتحال كان له آثار كارثية، فإذا قدرنا أن عدد النساء اللائي يخضعن لولاية الرجل في كل بيت أربعة .. زوجة، وثلاث بنات، فإن الرجل المتطرف أصبح يقدم لنا أربعة سيدات متطرفات، وإذا ضممنا الأم والأخوات، سنجد أمامنا عائلة من المتطرفين .
من ناحية أخرى فإننا لو إضفنا عامل "التربية" الذي تختص به المرأة، لكان الأمر أخطر، فالمرأة المتطرفة سوف ترضع أبنائها الفكر الضال، وتفرِّخ للمجتمع أسرابا من العقارب السامة، ومن عوامل خطورة هذا الوضع أن هذه العملية تتم داخل البيوت المستترة، حيث لارقيب او حسيب.
ويأخذ الأمر أبعادا غاية في الخطورة في بعض المجتمعات التي تمنع الاختلاط، وتعزل المرأة عن الرجل، فتصبح المجتمعات النسائية في هذه الحالة بيئة خصبة لتكاثر الأفكار الضالة بعيدا عن أجهزة الأمن.
"التطرف" فكرة شيطانية تنمو في تربة الجهل، والقهر، والتبعية ، والمتابع لسير الإرهابيين الكبار، سنكتشف أن البيئة كانت المقوم الأول في ذلك، لذلك فإن للأم دور رئيسي في "التنشئة الصحيحة" من ناحية ، وبنفس القدر دور رئيسي في "التنشئة الخاطئة".
آن الأوان لفتح ملف "دور المرأة في الإرهاب"، وإضاءة هذا الكهف المظلم في المجتمع، حتى لا تولد خفافيش الإرهاب في الظلام، وتنمو وتتكاثر وراء الجدران، ليفاجأ المجتمع بنتائجها فيما بعد في شكل طلقات رصاص، وقذائف صاروخية، وسيارات مفخخة.
ولتكن البداية بتعليم المرأة، ولا نعني بذلك توعيتها بتنظيم النسل كما يعتقد البعض، ولكن بالعمل على استقلالها الفكري، وتحرير قرارها السياسي عن الرجل .
إذا كان الاسلام العظيم قد أقر أن يكون للمرأة ميزانيتها الاقتصادية المستقلة، وأكد على حرية الانسان، سواء كان رجلا أو امرأة ، فإن استقلال رأيها أيا كان هذا الرأي ثقافيا، أو اجتماعيا ، أو سياسيا .. ضرورة إنسانية.
كل ذلك لن يتأتى إلا بتعليم المرأة، والتعليم هنا ليس مجرد مطلب برجوازي يردده البعض في برامج التلفزيون، ولكنه قرار حتمي لإنقاذ المجتمع.
المرأة الصالحة يمكن أن تصلح الرجل، ولكن الرجل الصالح من الصعب أن يصلح المرأة .. هكذا أعتقد، وأزيد أن "الصالحة" يمكن أيضا أن تصلح المجتمع، وكما يقال .. المرأة نصف المجتمع الذي ينجب الآخر.
إذا كانت المرأة الجاهلة خطر على المجتمع، فإن المرأة التابعة الذليلة أشد خطرا، لذلك علينا أن نختار : إما أن نصنع امرأة تقدم للوطن علماء ومخترعين، وإما نصنع امرأة تقدم للوطن إرهابين.