"الاسلام" دين الحرية، ولكن البعض لم يتخلص من عرق العبودية بعد، هو لاشك دين الديمقراطية، ولكن الطغاة يريدونه ديكتاتوريا، يحتكر "السلطة"، ويصادر الرأي، ويحرم الخروج على الحاكم، حتى ولو كان "خمورجي وبتاع نسوان" كما قال أحد المتأسلمين.
الاسلام دين الرحمة، ولكن خوارج العصر شكلوه على هواهم دينا متشددا يستمر في عادة وأد المرأة، يتعامل معها كعورة، فاقدة للأهلية، لا وظيفة لها إلا الجنس، والإنجاب.
الحاكم الحقيقي في الاسلام ينام في العراء، لا يملك إلا "قميصا، ورداء, وإزار ا، يغسلها وينتظرها لتجف، كما كان يفعل الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز، يمر على الرعية في غسق الليل، قال الفاروق عمر "لوعثرت بغلة في العراق لسألني الله عنها لِمَ لمْ أمهد لها الطريق".
ولكن المتأسلمون الجدد أنتجوا لنا صورة مغايرة تماما للحاكم، فجعلوه "نصف إله"، فوق رأسه طاقة من النور، يحمل توكيلا حصريا للجنة وآخر للنار، يتحصن بالحرس الخاص حتى داخل المسجد، تحيطه الأسوار المكهربة العالية، ويتحرك بالسيارات المصفحة، من خرج عليه زنديق وكافر، كأنه خرج على الله تعالى.
أكد الاسلام على حقوق الانسان، وقضى على الفوارق الاجتماعية، وساوى بين العبد وسيده، وجعل التقوى معيارا وحيدا للمفاضلة، ولكن المنافقون رفضوا الخضوع لهذه العدالة الاجتماعية ، فعملوا ـ مرة أخرى ـ على تقسيم الناس إلى سادة وعبيد،.. رجل وامرأة، أبيض وأسود، مسلم ومسيحي، سني وشيعي، قبيلي وصعلوك، حتى لا يفقدوا نفوذهم، وسيطرتهم على المجتمع.
الاسلام دين جميل يحافظ حتى على الهواء، والنبات، والحيوان، ولكن البعض جعلوه طقوسا متجهمة تثير الكراهية، والنفور، والخوف، .. ، هو دين التفاؤل والحب، ولكن شيوخ الندامة أحالوه إلى دين للتجهم، والتطير، والذعر، والوسواس القهري.
الاسلام دين يسر، لا واسطة فيه بين العبد وربه.. لا يكلف الله فيه نفسا إلا وسعها، ولكن البعض جعلوه "كهنوتا" و"طلاسما" تستعصي على الفهم، حتى يحتكرون التفسير والتأويل والإفتاء، ويقدمونها وفقا لمصالحهم، ومخططاتهم الجهنمية، ويستمر تدفق "النذور" على مقام "الولي الكاذب".
الاسلام جاء منذ أكثر من 1400 عاما لتحرير الانسان من الرق، ولكن البعض يرفضون اعتزال مهنة الأجداد، وهي بيع الجواري والقيان في أسواق النخاسة ، ليجمعوا الدراهم، ويملأون الكروش.
ديننا العظيم دين الغفران والحسنات اللائي يذهبن السيئات، ولكن البعض حولوه إلى "فيلم رعب"، مليء بمشاهد التفجيرات، والاختطاف، وقطع الرؤوس، والقتلة الذين يهتفون "الله أكبر"، يطارد الناس في صحوهم ونومهم بالعقارب، والثعابين.
في الأسابيع الأخيرة أصدر عدد من شيوخ الضلال فتاوى بأن "الخروج على الرئيس حرام"، وذلك بعد أن أعلن ثوار مصر عن التظاهر ضده في 30 يونيو لسحب الثقة منه، والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة. وهم بذلك يريدون وأد الحس الثوري في المصريين، وتمكين "الأشرار" من الوطن، ولكنه لا يعلمون أن فتواهم اليائسة لا محل لها من الإعراب، وأنهم كمن يقولون لطفل صغير .. "بخ".
المتأسلمون الجدد يتاجرون بالدين، و"يحرفون الكلم عن مواضعه" ويأولون الآيات كالحواة على كل وجه، تبعا للأهواء والمصالح، وتعليمات المرشد، يراهنون في ذلك على جهل الناس. قال تعالى " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله، ليشتروا به ثمنا قليلا".
من أسباب عظمة الاسلام، ووصوله حتى حدود آسيا، وشمال إفريقيا وصولا إلى الأندلس. أنه دين صالح لكل عصر، ولكن البعض لم يأخذ منه سوى ثوب قصير، ولحية كثيفة منفرة، وعقل توقف عند قبيلة قريش.
الاسلام كائن ينمو ويتطور ليواكب تغير الناس، والتقنية، والعالم، والفتوى نفسها تتغير من عصر لآخر، والله أمرنا بالاجتهاد، وإعمال العقل، وطلب العلم حتى ولو في الصين ، ولكن الجاهل يعتبر أي فكرة جديدة بدعة، ويصر على ركوب البغلة في عصر الطائرات.
الحاكم بشر يأكل، ويشرب، ويقضي حاجته، .. يخطيء ويصيب، وهو ليس "أب" له السمع والطاعة، كما في بعض الثقافات، وهو أيضا ليس "حاكما شرعيا"، كما يحاول أن يخوفنا به البعض، وهو مصطلح مضلل، ففي الدولة المدنية الرئيس "حاكم إداري"، باختصار موظف يقضى مدته في خدمة الشعب، ثم يرجع إلى صفوف الجماهير. إن أصاب يشكر، وإن أخطأ يذهب إلى السجن.
"الاسلام" دين المساواة ، أكد على كرامة المؤمن، وعزته، وقوته، وكياسته، وفطنته، ولكن البعض اعتاد على عبادة الحاكم، يقبل يده، ورأسه و(...)، ينبطح أمامه صباحا ومساء، تماما كما كان ينحني الكفار أمام الأصنام في العصر الجاهلي، ويقولون "نحن غرابا عك .. عك"