أضحكني الفنان الكبير محمد صبحي عندما قال في برنامج "مصر الجديدة" مع معتز الدمرداش في إحدى الحلقات بعد الثورة: "منصب الرئاسة لم يعد مطمحا، فقد أصبح منصبا طاردا، فالرئيس المقبل يجب أن يستعد لكي يكون "مهزءا" .. إذا غلط هنضربة بالجزمة! "
من أهم منجزات ثورة 25 يناير أنها أنهت الحكم الفردي الذي لا ينتهي إلا بالموت، أنهى الحكم من المهد إلى اللحد، وأحيانا لا ينتهي حتى بالموت، حيث يتم توريث السلطة إلى الأبناء، والزوجات، والعمات، والخالات، ووفقا للتعديلات الدستورية الأخيرة ستكون مدة الرئاسة أربعة سنوات قابلة للتمديد لفترة ثانية فقط في حالة الفوز في الانتخابات، بعدها يعود الرئيس السابق إلى صفوف الشعب.
ستصبح من حق الأجيال المصرية أن ترى رئيسا ، وإثنين، وثلاثة، وخمسة، كما عاصر جيلنا من الرؤساء الأميركيين "جيمي كارتر، ورونالد ريجان، وجورج بوش الأب، وجورج بوش الإبن، وباراك أوباما. بينما لم يعاصر هذا الجيل رئيسا سوى "حسنى مبارك".
ليس ذلك فقط، ولكن المنجز الأكبر أن تحدد سلطات الرئيس، لقد انتهى الحكم الفردي في مصر، وبدأ حكم المؤسسات . مصر "الجديدة" سيحكمها الشعب ممثلا في "مؤسسات منتخبة من الشعب" .. ليس فقط مؤسسة "مجلس الشعب" .. نحتاج إلى مؤسسات ثلاثة قوية تحكم باسم الشعب هي : مؤسسة الرئاسة، مجلس الشعب، مجلس الشورى.
يجب أن تتحول "الرئاسة" إلى مؤسسة قوية مدعمة بالخبراء، والحكماء، والمبدعين في كل المجالات، لن يصبح من حق الرئيس أن يستيقظ ويهرش رأسه، ويقرر فجأة بجرة قلم تنفيذ فكرة خائبة، ولكن القرار الرئاسي سيدعم بخبرات وآراء متخصصين.
للرئيس دور حيوي في التفكير ورسم السياسات، ولكن المؤسسة الرئاسية وظيفتها دراسة هذه الأفكار، وإمكانية تطبيقها، ثم تنقلها بعد ذلك إلى مؤسستين متكافئتين هما "مجلس الشعب" ومجلس الشورى".
منصب الرئاسة لا يحتاج إلى شخص خارق للعادة، فقط يحتاج إلى مصري مخلص مجتهد قادر على أن يحلم لوطنه، ويستنفر كل القوى لتحقيق الأحلام.
وإذا حاول البعض أن يبالغ في المواصفات الواجب توفرها في الرئيس .. فلينظروا إلى نموذج الرئيس السابق حسني مبارك . هل كان عبقريا ؟، هل كان يملك رؤية خاصة لشعبه وأمته ..، انظروا إلى غيره من الرؤساء العرب .. معمر القذافي ، وعلي عبدالله صالح، وبشار الأسد، وغيرهم، ولنسأل .. هل امتلك أحد هؤلاء قدرات خاصة؟ .. بالطبع لا.
معظم الرؤساء العرب وصلوا إلى السلطة بالصدفة. لا توجد معايير نفسية، أو اجتماعية، أو مهارية تحكم اختيار الرئيس .
منصب الرئيس في الحقيقة يحتاج إلى سمات أخلاقية، وعقلية، ومهارية أكثر من اعتماده على سمات سياسية، أو شكلية، أو أيدولوجية. إذا طبقنا هذا المعيار سنكتشف أن نصف الشعب المصري قادرا على شغل هذا المنصب.
لقد اعتدنا كمصريين وعرب على منح الحكام صفات أسطورية . الحاكم في الموروث العربي يأخذ صفة الأبوية ، وفي بعض الأحيان يكون ظل الله في الأرض، ولذلك دوافع ثقافية، واجتماعية.
بينما في الحقيقة الحاكم ليس أبا ولا عما، الحاكم بشر يأكل ويشرب ويمرض، ويوسوس له الشيطان فيعمل الشر، ويتفاعل داخله الضمير فيعمل الخير.
سيصبح الرئيس في مصر بعد الثورة موظف مجتهد يؤدي دوره لمدة محددة، ثم يعود بعدها إلى صفوف الجماهير.
إذا أصبحت رئيسا للجمهورية سأفعل الآتي بإذن الله.
1ـ تخصيص مكتب للرئيس في كل محافظة . لن يجلس الرئيس في العاصمة بعيدا عن مراكز العمل في المحافظات . سأقوم بزيارة كل أسبوع إلى محافظة.
2ـ وقف الاستعانة بالغير في إعداد الخطابات الرئاسية .
3ـ تقليل الحراسة إلى أقل حد، والتوجيه بعدم تعطيل مصالح الناس من مرور وخلافه بسبب تحركات الرئيس أو الوزراء.
4ـ تخصيص يوم مفتوح لمقابلة المواطنين شخصيا . كل مواطن سيكون من حقه مقابلة الرئيس شخصيا وتسليم شكواه.
5ـ نشر ثقافة جديدة في البلاد، وهي أن الرئيس مواطن عادي من أبناء الشعب، ولا أحد يملك حصانة خاصة، ولا أحد فوق القانون، وأن السلطة العليا في البلاد هي سلطة الشعب.
6ـ استحداث قانون ينص على أن كل ما يتلقاه رئيس الدولة من هدايا خلال عمله. هي ملك للشعب. وتخصيص متحف خاص لإيداع هذه الهدايا التي هي جزء من التاريخ السياسي للبلاد.
7ـ فتح القصر الجمهوري الذي كان دائما خطا أحمر لا يمكن الاقتراب منه ومن يقترب حتى بالصدفة يطلقون عليه الرصاص، كما حدث مع شاب مصري منذ سنوات، وتخصيص جزء منه ليكون متحفا يعرض تاريخ الحكم المصري منذ فجر التاريخ وحتى ثورة 25 يناير، وإتاحة فرصة زيارته للزوار من المواطنين والسائحين في ساعات محددة من اليوم، ليشعر المواطن أن الحكم الجديد قريبا من الشعب، وأنه مشارك في الحكم.
الترمومتر الشعبي:
أعادت ثورة 25 يناير السلطة إلى الشعب. لم تنقل السلطة من الرئيس إلى المجلس العسكري كما يعتقد البعض، لقد انتزع الشعب المصري العظيم سلطته التي اغتصبت منذ أكثر من 100 عام.
وهذا واقع يجب أن يضعه الجميع في الاعتبار سواء في الداخل أو الخارج، لم يعد الأمر بيد حاكم ينفذ مايراه بدون اعتبار للشعب كما كان يفعل الرئيس السابق الذي كان يهمل الشعب، ويسخر منه، ويخرج له لسانه، بل ويلقي بأحكام القضاء في سلة القمامة كما فعل وزير بتروله الأسبق سامح فهمي عندما ألقى بقرار المحكمة وقف تصدير الغاز لإسرائيل، وعندما حاول الوزير السابق حسب الله الكفراوي تنبيهه .أرسل الرئيس السابق له قائلا "إطمن البلد ممسوكة كويس".
مصر الآن لم تعد "ممسوكة" حسب تعبير الرئيس السابق، مصر ستمسك الفاسدين من أقفيتهم، وتلقيهم في سلة قمامة التاريخ، لقد بدأت في التحليق كالنسر الجامح، ويجب أن نتعامل كلنا مع هذه الحقيقة.
لذلك سنستحدث "الترمومتر الشعبي"، وهو مقياس للرأي العام المصري، سيكون هذا المقياس مقياسا أساسيا أمام الرئيس، والوزراء والمحافظين، ورؤساء المدن، والجامعات، وقصور وبيوت الثقافة وغيرها من المؤسسات، لن يهمل رأي المصريين ثانية . بل سيكون مؤشرا أساسيا في الحكم واتخاذ القرارات.
تاريخ الإضافة: 2014-04-11تعليق: 0عدد المشاهدات :891