للأمن أهمية كبرى في أي مجتمع، وقد تعرض الأمن بعد الثورة لهزة قوية ، وكان غيابه عن الشارع المصري محل تساؤلات ، ولم يزل لدى جميع أبناء الشعب.
غياب الأمن ـ بعد الثورة ـ يشكل علامة استفهام كبيرة لا يريد أحد الإجابة عليها، خاصة بعد الدور السييء الذي قامت به قوات الأمن في عهد النظام السابق، الذي حاول تدمير البلاد بانسحاب الشرطة من الشوارع، وفتح أبواب السجون، واغتيال الشرفاء من الضباط الذين اعترضوا على ذلك، لإثارة الفوضى، حتى تتحقق نظريته القديمة التي ابتز بها الشعب العظيم على مدى 30 عاما ، وهي .. أنا أو الفوضى..
إذا كنا نعرف مسببات غياب الأمن خلال الثورة، فلماذا يغيب الأمن الآن بعد الثورة ؟، غياب الأمن يعزز الهواجس من وجود طابور خامس يحاول أن يستمر في ابتزاز البلاد، وإجهاض الثورة، ويقود الاستفهام في كثير من الأحيان إلى الشك، والتفكير في احتمال وجود تواطؤ من بعض قيادات وزارة الداخلية أو بعض أفرادها.
ومن المظاهر التي تعزز الاستفهام أيضا عدم تلبية المطلب العام بتغيير قيادات وزارة الداخلية، وإعادة هيكلة هذه الوزارة ، لإعادة الثقة بينها وبين الشعب من جديد.
.... يتبع يجب أن لا ننسى حقيقة هامة، وهي أن ثورة 25 يناير كانت في الأساس ثورة ضد القبضة الأمنية المتعسفة التي كان يستخدمها النظام السابق، واختار الثوار يوم 25 يناير بالتحديد وهو يوم عيد الشرطة ليبدأوا ثورتهم ، ليكون يوما أسودا على كل ظالم.
ولا ننسى أيضا أن الشرارة التي أشعلت الثورة هي جريمة قتل الشهيد خالد سعيد الذي تم تعذيبه على أيدي أفراد من مركز شرطة الرمل بالأسكندرية، بسبب ما تردد من أنه نشر على الإنترنت فيديو يصور عملية فساد في قسم الشرطة.
شواهد على "فساد" في الداخلية:
1ـ الجرائم الكبرى التي حدثت في الشهور التسعة التالية للثورة، والتي لم تحدث مجتمعة في مثل هذه الفترة في تاريخ مصر، ومنها جرائم الاعتداء على كنائس، وأحداث ماسبيرو، وانفلات أمنى في مباريات الكرة .. وغيرها..
2ـ الإعلان عن هروب الضابط محمود صبحى الشناوى المعروف بـ "قناص العيون"، والمتهم بإطلاق الخرطوش على أعين المتظاهرين، وهو ما وثقه فيديو تم تداوله عبر الإنترنت.
3ـ ما وثقته الفضائيات وبعض المواطنين من انتهاكات من قبل الأمن بحق المتظاهرين، وإلقاء أحدهم مصابا في حاوية القمامة.
4ـ قيام وزارة الداخلية بالدفاع عن ضباطها المتهمين بقتل المتظاهرين وتسديدها تكاليف الدفاع عنهم للمحامين من خزينتها ، بدلا من أن تعزلهم وتتبرأ منهم.
5ـ ما ورد في عدد من تحقيقات الشرطة مع متظاهرين ونشطاء تم اعتقالهم والتي تشير إلى وجود أفراد مناوئين للثورة، غير معترفين بها ، ويعملون بكل الصور على إجهاضها.
6ـ تنديد عدد من الدول ومنظمات معنية بحقوق الإنسان بالتعامل بعنف مع المتظاهرين، بعد أحداث 25 نوفمبر.
7ـ سلبية بعض أفراد الشرطة، ورفضهم التصدي لأعمال بلطجة، بدعوى عدم وجود أوامر لهم بالتدخل، كما حدث في بعض المستشفيات، مما حدا ببعض الأطباء للشكوى واتهام وزير الداخلية بالمسؤولية عن هذا الوضع.
8ـ مازال أسلوب بعض أفراد جهاز الشرطة في الشوارع أو في المطار لم يتغير، حيث يتعمدون التعالي على المواطنين، والزعيق، دون اعتبار لكرامة الإنسان، ودون إدراك أن المصري قد تغير ولن يقبل الإهانة ثانية.
9ـ تبشيع الثورة : مايجري في مصر حاليا محاولة لـ "تبشيع الثورة" أي تصويرها في شكل بشع حتى ينفر منها الآخرون، ويلعنون اليوم الذي ثاروا فيه على حكامهم، ويترحمون على الأمن الذي مضى . أشم في ذلك رائحة النظام البائد الذي كان يخير الشعب بين "الأمن والديمقراطية"، ولكن رغم كل شيء سيصر المصريون على "الديمقراطية" مهما كان الثمن.
10ـ لدي قناعة أن هناك طابور خامس داخل وزارة الداخلية يحرض على تدمير البلد، لا أعرف حجم هذا الطابور، ولكن كل الشواهد تؤكد ذلك، لا يجب أن ننسى أن ثورة 25 يناير كانت ثورة في الأساس ضد القبضة الأمنية الظالمة، واختيار يوم 25 يناير وهو يوم عيد الشرطة دليل قاطع على ذلك. يجب تنفيذ عملية تطهير عاجلة لهذا الجهاز ، وتخريج دفعة جديدة من الضباط المحامين، قبل أن يتمكن "الطابور" من تنفيذ مخططه الخبيث.
الأمر يحتاج إلى معالجة قانونية وإدارية ونفسية، وعملية إحلال وتبديل كبرى في جهاز الشرطة ، لتكوين جيل جديد من الشرطيين يواكب روح الثورة والتغييرات الكبيرة التي حققتها ، لذلك سنعمل على الآتي:
1ـ إعادة هيكلة وزارة الداخلية فورا هيكلة كاملة، تعزل كل من تلوثت سمعته بالتعذيب أو التواطؤ.
2ـ رفع المستوى التعليمي لأمناء الشرطة والعاملين في هذا الجهاز من خلال تطوير معاهد أمناء الشرطة، وتعميم الدورات والبعثات، ووضع اشتراطات جديدة في للتعيين تجعل الحصول على مؤهل عال شرطا للعمل في هذا الجهاز الحيوي.
3ـ تدريس مناهج حقوق الإنسان لكافة العاملين في الوزارة، والتركيز على حقوق الإنسان في الإسلام.
4ـ إنشاء مكتب للتفتيش الداخلي كما في أميركا، ليس للوزارة سلطة عليه . تكون مهمته التفتيش على كافة قطاعات الداخلية، واكتشاف التجاوزات واتخاذ الإجراءات ضدها.
5ـ استبدال جميع قيادات الداخلية السابقين بقيادات جديدة قادرة على مواكبة روح الثورة.
6ـ إسناد قطاع السجون إلى وزارة العدل.
7ـ تغيير الصورة النمطية عن جهاز الشرطة التي استمرت للأسف بعد الثورة، وإبراز الكفاءات الوطنية في هذا الجهاز، والتوعية بأن العاملين فيه جزء من الشعب، وأن الخلل لا يعم كل العاملين فيه، "ولاتذر واذرة وذر أخرى".
8ـ إنهاء حالة الطواريء فورا، لأن قرار الاستمرار في العمل به غير دستوي، واستفزاز للشعب الذي لم تمنعه حالة الطواريء المستمرة من 30 عاما من القيام بثورته .
9ـ ضبط وإحضار المتورطين في قتل المتظاهرين ومحاكمتهم محاكمات علنية.
خطوات عاجلة فورية لإعادة الأمن:
1ـ تخريج عدة دفعات من كلية الشرطة بطريقة استثنائية، وتعيين دفعة من المحامين كضباط شرطة.
2ـ تحويل نصف المجندين من ذوي المؤهلات العليا هذا العام لقضاء فترة تجنيدهم بالشرطة .
3ـ تأسيس "الحكومة الشعبية"، وهي لجان للدفاع الشعبي على مستوى الجمهورية هدفها المساهمة في حفظ الأمن.
4ـ توجيه تهمة "الخيانة العظمى" لكل من يتقاعس عن أداء واجبه الشرطي في هذه المرحلة الحساسة، وإقصاء فوري ومحاكمة عسكرية لكل من يثبت عليه ذلك سواء بالقول أو العمل.
5ـ الإعلان عن مبادرة للمصالحة مع رجال الأمن، وبدء مرحلة جديدة عنوانها "الشرطة في خدمة الشعب" ، ولاشك أن الأمر سيحتاج إلى وقت حتى تعود العلاقة إلى وضعها الطبيعي، وحتى ذلك الحين يجب أن نتحلى جميعا مواطنين وعاملين في الشرطة بالحكمة ، وتغليب مصلحة الوطن، وإدراك حقيقة هامة، وهي أننا سواء أكنا من المواطنين أو العاملين بالشرطة ننتمي جميعا إلى هذا الشعب العظيم.
6ـ تطبيق حكم "الحرابة" على البلطجية، باعتباره تهديد وترويع الآمنين، نوعا من الإفساد في الأرض.
7ـ مع رفضنا وامتعاضنا وسخريتنا من مصطلح "الأصابع الخارجية"إلا أن استعادة الأمن تتطلب إجراءات فورية منها تشديد الرقابة والإجراءات على الحدود المصرية الليبية ، وأيضا الحدود مع غزة . لا يمكن تجاهل احتمال وجود جهات أجنبية تدفع بعناصرها داخل البلاد لتنفيذ عمليات قتل وتدمير.
8ـ تشديد الإجراءات على حدود مصر مع غزة، حتى لو استدعي الأمر إغلاق معبر رفح لفترة حتى يستتب الأمن، لقد أكدت تقارير أن هناك خمس مجموعات إرهابية تهدد مصر من سيناء، ومن بينها ما يسمى "جيش التحرير" الفلسطيني الذي نشر على "الفيس بوك" مادة تحرض ـ بكل وقاحة ـ على المجلس العسكري، ولا يخفى على أحد ظاهرة الأنفاق الفلسطينية، وعملية التهريب المتواصلة التي تتم من خلالها، ورغم تعاطفنا مع أشقائنا الغزاويين المحاصرين . إلا أن أمن مصر يجب أن يكون أولا .
يجب إكمال الجدار العازل وتدمير الأنفاق . في المقابل عمل نقطة تصدير على الحدود لإمداد قطاع غزة ـ والأراضي الفلسطيني ككل ـ باحتياجاته الإنسانية أو احتياجاته التجارية بأسعار تفضيلية.
الأنفاق كما تنقل المواد الغذائية والسيارات المهربة أو المسروقة كما ثبت شرطيا . يمكن أن تنقل السلاح وتكون بابا لدخول وهروب الخارجين على القانون.
9ـ يجب تشديد الرقابة على الحدود المصرية الليبية، لمنع تدفع الأسلحة من ليبيا إلى مصر، وقد أكدت التقارير أن الأسلحة الليبية المنتشرة بين أيدي المليشيات الليبية تتهدد دول الشمال الأفريقي.
تاريخ الإضافة: 2014-04-11تعليق: 0عدد المشاهدات :836