يجب إعادة صياغة مفهوم التعليم، ففي عصر التقنية والفضاء المفتوح تغير معنى التعليم، وتعددت روافده. ولم يصبح التعليم حكرا على المدرسة، التعليم في رؤيتنا يجب أن تتسع مجالاته لتشمل أشكالا مختلفة من الثقافة المرئية والبصرية، وتقنين روافد الإعلام الخارجية، وتوجيهها، ووضعها في مساراتها الصحيحة.
التعليم أحد ركائز النهضة الشاملة. ويجب أن نبدأ كما فعلت كوريا الجنوبية بالتعليم. ويتم ذلك بخطوات مختلفة منها:
1ـ خطة عاجلة لمحو الأمية
الأمية أخطر شيء على الأمة، والشعب الأمي غير قادر على ممارسة حقوقه حتى لو توفرت له، ومنها "الديمقراطية".، ويقدر عدد الأميين في مصر بـ 18 مليون شخص.
لذلك يجب البدء في حملة قومية للقضاء على الأمية في مصر، وذلك باستخدام كافة إمكانات الدولة من إعلام، وتعليم، وبيوت وقصور الثقافة، ومساجد، وكنائس، ودور الضيافة والمناسبات، والقوات المسلحة.
يجب أن تفتح المدارس طوال اليوم لمحو أمية الكبار، كذلك بيوت وقصور الثقافة والمساجد أيضا ، وأعتقد أنه لا مانع ديني من أن تصبح المساجد بين الصلوات المختلفة مراكز لنشر العلم ومحو الأمية . لأن الأمة المسلمة الجاهلة أخطر من الأمة المسلمة المتعلمة . والسعي لتحصيل العلم أمر إلهي.
2ـ كمبيوتر لكل طالب
الاستعانة بشركات التقنية لعالمية مثل آبل، و جوجل، وماكروسوفت في دعم إنتاج كمبيوتر عصري بتكلفة مناسبة لتوفير كمبيوتر لكل طالب.
3ـ برنامج وطني للابتعاث:
يجب تأسيس برنامج قومي للابتعاث يدعم من الدولة والقطاع الخاص، وتساهم في دعمه وزارتي الخارجية والتعاون الدولي من خلال عقد اتفاقات للابتعاث مع دول العالم المتقدم.
ستبنى خطة تطوير التعليم على عنصرين الأول تطوير التعليم الداخلي، والثاني الإبتعاث.
المهم وضع القواعد الكفيلة بتوفير فرص الابتعاث لمستحقيها، وأن لا تذهب هذه الفرص كما يحدث في الكثير من الأحيان إلى الأقارب والمعارف.
التعليم السياسي
فرضت ثورة 25 يناير المجيدة واقعا جديدا، ففتحت الباب على مصراعيه لكل الآراء، وأتاحت الفرصة لكل الاتجاهات، بعد سنوات طويلة من القمع والمنع لتيارات وأحزاب، لقد أصبح التظاهر حق مشروع لكل أفراد الشعب، بعد أن كان شغبا يتعامل معه الأمن المركزي.
أهم ما فرضته الثورة هي الحرية، ونظرا لأن معظم الشعوب العربية لم تعرف الديمقراطية الحقيقية، والالتباس الذي مازال قائما حول كلمة الديمقراطية ومدى توافقها مع الدين.
لقد ردد النظام السابق طويلا أن الشعب المصرى لا يستحق الديمقراطية ، ولازالت بعض الأصوات داخل ومصر ومن العالم العربي تشكك في الديمقراطية العربية، والبعض يجلس ويتابع وينتظر فشل التجارب الثورية في تونس ومصر ويستعد للشماتة.
يجب أن نعترف أننا نتعلم الديمقراطية لأول مرة ، رغم وجود تجارب ديمقراطية محدودة في عصور سابقة. وهذا كله يحتم علينا ليس فقط التوعية السياسية ، ولكن التربية السياسية.
يجب أن نبدأ في تقديم المعلومات السياسية في المناهج الدراسية بدءا من المرحلة الابتدائية، من خلال منهج خاص على غرار منهج "التربية القومية" الذي كان موجودا في الماضي.
يقدم التعليم السياسي معلومات عن الانتخابات، وكيفية التصويت كواجب وطني وديني، ومعنى الديمقراطية والحزب، والاتجاه السياسي، والحكومة وآلية اختيارها، ومجلس الشعب وكيف ينتخب، وأدب الاختلاف، وطرق اختيار المرشح المناسب، وأدوار المواطن في بناء الوطن.
أخطر ما يهدد الديمقراطية هو الجهل، ليس الجهل بمفهومه الشائع والذي يعني عدم القدرة على القراءة والكتابة، ولكنه الأمية السياسية التي تعني عدم معرفة كيفية الاختيار السليم.
ورغم إقرارنا بأن الشعب المصري مازال في سنة أولى ديمقراطية، إلا أن ما شاهدته في ميدان التحرير في جمعات الثورة يؤكد أن الشعب المصري يتعلم بسرعة، وقريبا جدا سيتفوق.
ترسيخ الممارسة الديمقراطية:
ترسيخ العمل الديمقراطي يحتاج إلى جهد ووقت، والهدف تحويل الديمقراطية من كلمة غريبة مشكوك فيها من قبل البعض إلى ثقافة عامة يمارسها الشعب.
في هذا الإطار سيتم العمل على التالي:
1ـ إنشاء الهيئة العليا الدائمة للانتخابات:
أول خطوة في هذا الصدد إنشاء الهيئة العليا الدائمة للانتخابات، وهي هيئة قومية تضطلع بالتخطيط للانتخابات ، أي انتخابات، البرلمانية أو الرئاسية أو انتخابات النقابات. وذلك من خلال وضع كل الآليات التي تكفل انتخابات نزيهة شفافة سهلة في أي مكان.
تزود هذه الهيئة بكافة الإمكانات البشرية والمادية والتقنية لإتمام العملية الانتخابية، وتبدأ فورا في دراسة وتنفيذ إجراء الانتخابات بطريقة تقنية عبر الإنترنت، كما يحدث ي أميركا، فلا يصح في عصر التقنية أن تتم الانتخابات بالطريقة اليدوية العقيمة، وما يصاحبها من تجاوزات.
البنوك تتعامل الآن عن طريق الإنترنت، ويسدد العميل الملايين عن طريق الهاتف المصرفي، ومن السهل دخول الإنتخابات المصرية هذه المرحلة، ويقوم المواطن بالإدلاء بصوته عبر الإنترنت بعد تلقيه شفرة خاصة ، تماما كما يحدث في الهاتف المصرفي.
قمت اليوم بالتصويت بالمرحلة الثالثة من انتخابات مجلس الثورة، وبقدر فرحي بذلك كان حزني لإهمال كثيرين واجب التصويت بالانتخابات ، وبينهم للأسف مثقفون وإعلاميون . يجب اتخاذ إجراءات أشد ضد المهملين الذين لا يدلون بأصواتهم، ولا تكفي الغرامة المالية، يجب أن يتساوى الهروب من التصويت بالهروب من التجنيد، فلا يصح أن يطالب المواطن بحقه بطريقة حنجورية عمال على بطال، ويرفض أن يلتزم بحق أساسي من حقوق الوطن وهو التصويت في الانتخابات.
2ـ منهجة السياسة
تطعيم المناهج الدراسية بنوع من الثقافة السياسية، ودعم وتطوير الاختصاصات الجامعية الخاصة بالسياسة والاقتصاد لتكوين جيل من الأكاديميين المتخصصين في العمل السياسي، وتخريج جامعيين متخصصين في هذا المجال.
3ـ إنشاء محكمة الديمقراطية.
وهي محكمة خاصة تتمتع بصلاحيات البت السريع في أي من القضايا المتعلقة بانتخابات والممارسات السياسية والمخالفات التي تحدث في هذا المجال.
تاريخ الإضافة: 2014-04-11تعليق: 0عدد المشاهدات :776