"وثيقة المباديء الدستورية" التي عرفت بـ "وثيقة السلمي" رغم أن معظم بنودها مقبولة ومتفق عليها وبديهية، إلا أنها تعرضت لتشويه سياسي وإعلامي ضخم، حتى أصبحت سيئة السمعة، ورغم أن بعض من وافقوا على سابقا، هاجموا لاحقا، ورغم أن الداعين إلى هذه الوثيقة كانوا يبتغون خير مصر. ووضع خريطة حتى لو كانت استرشادية لهوية الدولة المصرية ومستقبلها. إلا أن الجميع لبراليين ومسلمين اتفقوا لأول مرة على معارضتها واعتبروا إسقاط هذه الوثيقة جهادا شرعيا.
وعلى طريقة المعارضة من أجل المعارضة نظم المعترضون مليونية انتهت بجرحى وقتلى وإصابات، ومهدت لأحداث أخرى تالية مؤلمة . وكان من الحكمة أن ننفذ الديمقراطية عمليا ونجلس جميعا لنتفق على بنود الوثيقة.
البند الذي ينص على أن "الجيش يحمي الشرعية الدستورية" بند خطير ومرفوض ، لأنه يجعل للجيش سلطة على العملية السياسية، كما يحدث في تركيا الآن ، حيث يملك جنرالات الجيش نفوذا فوق الدولة، من الممكن أن يمتعضوا ويعترضوا ، ويتدخلوا ضد إرادة الشعب، لقد عادت مصر للمصريين، ولن يحكمها إلا الشعب.
ولكن رغم ذلك لن أتشنج وأرفض الوثيقة برمتها، وأخوّن الذين اقترحوا بنودها. ولكن سأطالب بنقاش موضوعي بين كل التيارات السياسية للاتفاق على بنودها.
أتفهم مبررات الداعين لهذه الوثيقة، وخوفهم من فوز الإسلاميين، فيقومن عندها بمحاولة تغيير هوية البلاد المنفتحة المعتدلة، وفرض قوانين مقيدة للحريات باسم الدين.
ولكني أعتقد أن هذه الهواجس غير مبررة، لأني أثق في أن الشعب المصري الذي خرج في الميادين في 25 يناير لن يفرط مطلقا في هويته ومكتسباته، كما أنني في المقابل أثق في حكمة التيارات الإسلامية، وولاءها إلى الوطن، وأنها ستغلب مصلحة الوطن.
.. يتبع
وبعد سقوط وثيقة "السلمي" لا يوجد أمامنا سوى وثيقة الأزهر التي وضع بها أسسا لا يختلف عليها أحد لهوية ومستقبل الدولة المصرية.
وثيقة السلمي أو الأزهر كانت أساسا يمكن البناء عليه عند كتابة الدستور . هذا الدستور الذي يجب أن يشارك في كتابته الجميع .. ، فلا يمكن أن تستأثر بكتابة الدستور فئة أو جماعة أو أغلبية، يجب أن يشترك في كتابته الجميع، .. من فاز ومن خسر، من أدلى بصوته في الانتخابات ومن لم يصوت، لأن الأغلبية البرلمانية متغيرة أما الشعب فهو ثابت لا يتحول.
حركة تصحيح دستورية:
الإعلان الدستوري الذي أعلنه "المجلس العسكري" وقانون الأحزاب، نصا على عدم تأسيس أحزاب على أساس ديني، ولكن ما حدث هو الموافقة على تأسيس "حزب الحرية والعدالة" وكما هو معلن الجناح السياسي لجماعة الأخوان المسلمين، والموافقة على تأسيس حزب النور" الذي هو تابع للحركة السلفية. وفي المقابل حاول التيار المسيحي إيجاد مساحة له فأسس "الكتلة المصرية" وهي مزيج من أحزاب ليبرالية.
وهذا يعد مخالفة صريحة، وهذا أيضا يدفع البعض في الطعن بعدم دستورية الانتخابات، ونظرا لأن تأسيس الأحزاب لا يتم بالنوايا، ولكن يتم بموجب أوراق وإجراءات روتينية. فإننا ندرك صعوبة تبيان هل هذا الحزب وراءه تيار أو جماعة.
لذلك يجب خضوع نشاط الأحزاب للرقابة ، وفي حالة انحراف أي حزب عن القواعد العامة لتأسيس الأحزاب، ووجود مخالفات واضحة في هذا الاتجاه، خاصة بفرض البعض البعد الديني للحزب، على لجنة الأحزاب التدخل بالتنبيه والإنذار والإجراءات القانونية التي تكفل تنفيذ القانون.
تاريخ الإضافة: 2014-04-11تعليق: 0عدد المشاهدات :881