يترك السياح ناطحات السحاب العملاقة ومظاهر المدنية الحديثة، ويهتمون بالأزقة والحارات والأماكن الشعبية، يعزفون عن وجبات الخمس نجوم، ويتطلعون إلى الخبز الأسمر الذي تعده القرويات في الفرن البلدي، يهجرون الحفلات الفنية الصاخبة التي يحييها أشهر نجوم الغناء، ويطربون من المزمار ورقصات الخيل والتنورة والأغاني البدوية، ويركبون الجمال، ويحملون معهم إلى بلدانهم ـ منبهرين ـ نحاسيات ومنتجات وصناعات يدوية.
هذا يدل على أن العالمية لا تكمن في التكنولوجيا والمدنية والتقدم، ولكنها تكمن في أشياء عفوية بسيطة.
ولكن "العالمية" تستهلك كثيرا من الأحاديث والأحلام والجدل، حتى أصبحت أكثر الألفاظ تداولا على ألسنة الأدباء والمثقفين وخبراء التنظير الاجتماعي والفني، وفي الوقت الذي يتشدق الجميع بالعالمية، ويتحدثون عنها ليل / نهار، لم يصل إلى العالمية بمفهومها الحقيقي سوى واحد أو اثنين.
لقد أصبحت "العالمية" كذبة بيضاء من أجل البرستيج، Press Release لأغراض التسويق، مستحضر تجميل لإخفاء الندوب، أفيون معنوي لإرضاء الفاشلين والمعقدين نفسيا، وقناع لإخفاء الذوات الهشة الضعيفة.
من هنا ظهرت شركات تسويق تبيع لك "الوهم" ، وتمنحك ما تشاء من ألقاب وجوائز وشهادات، ومن بينها "العالمية" برسوم وتكاليف محددة.
العالمية الحقيقية لا تتحقق بالمال والعلاقات العامة وأحلام اليقظة، ولكنها تتحقق بالتمسك بأصالتنا وتاريخنا وأشيائنا العفوية البسيطة.
تاريخ الإضافة: 2014-04-14تعليق: 0عدد المشاهدات :1326