الإنتماء والوطنية والعروبة أشياء لا تشترى، ولكنها تولد مع الطفل، تنتقل من الأم إلى جنينها عن طريق الحبل السري. إنزيمات طبيعية ممزوجة باللحم والدم. هذه الأشياء هي نفسها الأشياء التي دفعت أمل دنقل إلى كتابة قصيدته الشهيرة "لا تصالح" مؤكدا إنها " أشياء لا تشترى".
قد تختفي هذه المشاعر في الزحام، فيعتقد المرء أنها ماتت، ولكنها تظهر عند اللزوم واضحة كالشمس، كشهامة ابن البلد، وكرامة الناس الطيبين. تظهر عند اللزوم، فتثير العجب بتوهجها وصدقها الجميل. هي فقط تحتاج إلى هزة أو شكة دبوس، أزمة إنسانية، مباراة كرة قدم، لتستعيد فورانها كالبركان الذي يقذف الحمم الساخنة.
أعداؤنا أدركوا أن قوة العرب في وحدتهم، فعملوا على تصفية المشروع العربي، لتكون الدول العربية كقطع الإستيك رقيقة وصغيرة سهلة الأكل بالشوكة والسكين.
غاب صوت عبد الوهاب وهو يغنى للأمة العربية "وطني حبيبي الوطن الأكبر"، وحلت محله أغاني وطنية إقليمية ترفع شعار "كله يدلع نفسه"، واعتقد الأعداء أن الوجدان العربي مات، ولكن في كل مرة تثبت الشعوب العربية "الجدعنة"، فيموت الأعداء غيظا وكمدا.
الوحدة العربية ببساطة تعنى أنه لو جرح عربي في بغداد، ينزف آخر في الرباط، وإذا أجدبت نخلة في سوسة، ضاق لها عربي في أم القوين، أنه نفسه " الجسد الواحد" الذي عبر عنه الحديث الجميل (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، الوحدة هي أن يبقى المسلمون كـ "البنيان المرصوص يشد بعضهم بعضا).
يجب أن نعلم أبناءنا أن الوحدة قوة، والفرقة ضعف، ولنضرب لهم المثل البسيط الذي تعلمناه صغارا، .. العصا الواحدة التي يسهل كسرها، ومجموعة العصي القوية تستعصي على الكسر.