تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



القتل بالكلمات | الأمير كمال فرج


 يحلو للبعض القول أن الكلمة طلقة ومدفع، تقتل تماما كما يقتل السيف، وكما تقتل المشنقة، هكذا نسمع ونردد ، ولكن ظل هذا التعبير مجرد تعبير مجازي القصد منه إظهار أهمية الكلمة وعظم أثرها..، ولكن بعيدا عن الاستعارة والمجاز والتهويمات اللغوية .. هل الكلمة تقتل فعلا..؟.

القتل بمعناه الواقعي هو إذهاق الروح، وإحداث الوفاة، وذلك يستلزم أدوات مادية قد تكون مسدسا أو خنجرا أو ساطورا ـ الأداة المفضلة للنساء ـ قد تكون ـ والعياذ بالله ـ  صعقا أو غرقا أو خنقا أو سقوطا من أعلى ، إلى آخر الوسائل التي تزايدت وتنوعت بفعل التطور التكنولوجي الهائل، حتى وصلت إلى حد القتل إذابةً كما فعلت إحدى الزوجات بالدنمارك عندما قتلت زوجها بإذابته في حمض الكبريتيك المركز.

ظل القتل منذ الأزل فعلا ماديا، يتم بإحداث فعل مادي معين على الشخص مما يؤدي إلى وفاته، وذلك باستخدام أداة معينة، وفي القانون توجد أركان للجريمة، وحتى يمكن إثباتها يجب أن تتوفر هذه الأركان مثل وجود جسم الجريمة وأداتها، وبدون هذه الأركان لا يمكن إثبات الجريمة، ولا معاقبة مرتكبها، حتى لو اعترف الجاني.
أعود إلى سؤالي وأقول .. هل الكلمة تقتل؟.

الإيذاء الجسدي قد يتم بأداة مادية، وقد يتم أيضا بقول أو تصرف، ولا يشترط لحدوث ذلك الإيذاء فعل مادي  خارجي محدد، فالإنسان جسم وروح، وعلم النفس يحدثنا طويلا عن خفايا النفس البشرية، وقد أثبت أن الإيذاء الجسدي قد يكون سببه إيذاء نفسي، والإيذاء النفسي لا تحدثه آلة، فهو إيذاء معنوي قد تسببه كلمة أو موقف، قد يكون مباشرا أو غير مباشر، قد يكون آنيا أو مرحليا، وهذا الإيذاء تتعدد نتائجه، وقد يصل إلى الموت ..!.

وفي الوقت الذي تتكاثر فيه معدلات القتل بالمجتمعات المختلفة، تتزايد في المقابل الجهود التي تبذل لمكافحتها، ولكننا لو تأملنا أيضا سنكتشف أن جرائم القتل المعنوي كثيرة، قد تفوق معدلات القتل الجسدي، تحدث كل يوم، قد تتم في لحظة، وقد تستمر لأيام، وقد تمتد لسنوات مثل الموت البطيء، الذي يحدثه سم طويل المفعول، والنتيجة دائما واحدة وهي الموت، وكما يقول الشاعر : من لم يمت بالسيف مات بغيره .

ولكننا رغم ذلك لا ننتبه لهذا النوع من الجرائم، والسبب أن القتل المعنوي جريمة خفية لا نشعر بحدوثها، القاتل بها يرتدي "طاقية الإخفاء" يدخل ويقتل ويخرج بسرعة دون أن يراه أحد، لا يترك دماء أو بصمات، فقط يترك جثة هامدة وسر مجهول. الجثة موجودة، والقاتل حر طليق في الشوارع، يلعق الدماء، ويبحث عن ضحية جديدة.

ومع تزايد ضغوط الحياة، وكثرة مشاكلها وتقاطعاتها وعدم الوعي بالدور الخطير للعامل النفسي. كثرت جرائم الإيذاء المعنوي في المجتمع، والطب النفسي يعدد لنا العديد من الأمراض الجسمية التي ترجع في أساسها إلى عوامل نفسية، منها ما هو بسيط كالاكتئاب والقولون العصبي، ومنها ما هو خطير كالشلل والجنون والموت، وهذا كله يحدث نتيجة لكلمة جارحة، أو تصرف مسيء، أو إهانة بالغة.

والمجرم في هذه الحالة إما أنه لا يقدر خطورة ما يفعله، وإما أن يكون قاتلا محترفا خبيثا يعي جيدا فنون القتل النفسي، كما حدث في مسلسل "العقرب" عندما قتلت مديحة كامل زوجها محمود المليجي بكلمة واحدة..!.

وفي حياتنا اليومية أمثلة كثيرة تحدث كل يوم، رجل نصب على شريكه فلم يتحمل الرجل الصدمة وأصيب بالسكتة القلبية ومات، رجل تعرض للإهانة من فلذة كبده فلم يتحمل قلبه الضعيف ذلك فتوقف للأبد، ومن الحالات المؤلمة التي سمعتها القصة الدرامية لرحيل الشاعر صلاح عبدالصبور حيث اتهمه أحد الشعراء بالخيانة، عندما قبل أن يتولى رئاسة هيئة ثقافية رسمية، فسقط على الأرض صريعا. وهكذا أحداث تحصل كل يوم، ولكننا نحيلها على الفور للقضاء والقدر، وإذا تجرأ أحدهم وألمح إلى الجريمة المعنوية استنكروا ذلك وحوقلوا وتعللوا بان لكل أجل كتاب.

والقضية الآن .. كيف يمكن إثبات الجريمة المعنوية؟، هل سيأتي يوم  وتقبض الشرطة على شخص وتحاكمه وتعاقبه لأنه قتل شخصا بكلمة؟، هل سيأتي اليوم الذي نتعقب فيه الأدلة والأدلة وراء هؤلاء القتلة المجهولين حتى يأخذوا عقابهم الرادع، كما يحدث في أي جريمة مادية واقعية؟.

أتمنى مع التقدم التقني المتتابع الذي يشهده العالم كل لحظة، ومع تطور الطب النفسي والمزيد من معرفة النفس البشرية، أن نؤسس علما جنائيا جديدا هو "علم الجريمة المعنوية" يسهم في وضع قواعده خبراء في الطب النفسي والبحث الجنائي، يمكنهم من خلاله وضع خارطة نفسية لكل شخص، لنتمكن بذلك من تحديد الضرر النفسي الذي وقع على الضحية، ومن ثم معرفة الضرر الجسدي الذي نتج عن ذلك، وبالتالي يمكن للشرطة أن تثبت جريمة الإيذاء المعنوية، وتتعقب فاعلها، وتقبض عليه ليأخذ عقابه.

هناك كثير من الجرائم المعنوية التي تحدث كل يوم، ولا يتمكن القانون من إثباتها، فهل يمكن أن نتصور أن هناك قتل بالنصب أو قتل بالإهانة، وقتل بالنكد، وقتل بالجنس، وقتل بالعمل، جرائم لا يمكن إثباتها، وعلى المجتمع أن يطور قدراته للوصول إليها، عندها سيتأكد الجميع أن الكلمة بالفعل مدفع وطلقة وساطور ..!.

تاريخ الإضافة: 2014-04-14 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1235
0      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات