في طفولتنا كانت القراءة جزءا لا يتجزأ من برنامجنا اليومي، وكان الكتاب هدية غالية نتلقاها عندما ننجح في الاختبار، لقد كنا من هذا الجيل المحظوظ الذي تربى على القصة، قصص ميكي وسمير، بشخصياتها الجميلة "بطوط" و"نوسة" و"عبقرينو"، أو ما يسمى بالألغاز مثل "المغامرون الخمسة"، وكان أبطالها "تختخ" و"لوزة" و"نوسة" و"عاطف" و"عمار"، أبطال حقيقيون يؤثرون في مشاعرنا وسلوكياتنا.
أتذكر ذلك وأنا أنظر إلى الأجيال الجديدة التي تتربى على أفلام الكارتون والبلاي ستيشن وسلاحف النينجا وسبيدرمان، نوع آخر من الثقافة البصرية السهلة، التي تعطل ملكة الخيال والتفكير عند الطفل، تقدم له التسلية، وتخدره بعوالم غريبة ترسخ العنف، وتعتمد القوة كسبيل للفوز والانتصار.
اختفت القراءة من حياة طفل اليوم، وحلت مكانها شخصيات أسطورية مدمرة، حولت أطفالنا إلى دمى مسمرة أمام التلفاز، وخسرنا وسيلة مهمة من وسائل التربية والتثقيف والصحة النفسية والاجتماعية..
أحن إلى أمي، إلى قصص الطفولة الجميلة، وأبطالها الذين مازالوا يقبعون في الذاكرة، أحلم بالكتاب القديم وصفحاته المعروقة، المزينة بالشخبطات والرسوم، أنهض مزعورا عندما يفتح طفلي التلفاز، أحدق، تخرج لي سلاحف النينجا لسانها..!.