البطالة هاجس يعاني منه العديد من المجتمعات، وهي ـ في المفهوم المجتمعي ـ ببساطة عدم القدرة على الحصول على وظيفة، وهى مشكلة اجتماعية تستهلك الكثير من الأحاديث والمؤتمرات والندوات المتخصصة.
والمشكلة ربما تكمن في عدم التعريف الدقيق لكلمة "البطالة" ، فالكثيرون يتعاملون مع هذه الكلمة على أنها تعني عدم وجود وظيفة، بمعنى أدق عدم توفير الحكومات وظائف للخريجين، بينما العمل بمفهومه العام يتسع ليشمل الكثير من المظاهر والمجالات، فهناك أنماط عدة للعمل، كالعمل الحر، والعمل المهني، والعمل عن بعد، فإذا كانت البطالة تعنى عدم إمكانية الحصول على وظيفة، فإن المشكلة الحقيقية لا تكمن هنا، ولكنها تكمن في عدم معرفة المواطن ماهية العمل وسبل الحصول عليه.
الانتظار لكي توفر الحكومات الوظائف فكرة غير عملية، وغير منطقية في ظل الانفتاح والعولمة والخصخصة، وهيمنة رأس المال ، ومعيار البقاء للأفضل والأكفأ وهو المعيار الأساسي في أي عمل.
يجب أن نؤمن بأن الوظيفة لا تسقط من السماء، ولا يحضرها عفريت يخرج من مصباح علاء الدين ويقول "شبيك لبيك". الوظيفة فكرة يتم ابتكارها واختراعها من العدم، والشخص الواعي يصنع وظيفته بيديه، والوظائف كثيرة ولكننا لا نراها، والسبب النظارة السوداء والشروط المتعسفة التي صنعناها للوظيفة.
بالطبع هناك دور على الحكومات في تعديل مجالات التعليم لكي تواكب متطلبات سوق العمل، وتوفير الوظائف، والتعبير الأصح هنا "تنسيق الوظائف" باعتبارها الجهة المنظمة للمجتمع، ولكنه دور من مجموعة أدوار يجب أن تقوم بها جهات متعددة، ودور يجب أن يقوم به أيضا المواطن نفسه.
الحكومات والقطاع الخاص، ورجال الأعمال ، والهيئات الاستثمارية ، والنقابات المهنية والجامعات، ومنظمات المجتمع المدني، عليها أدوار عدة في تدريب الشباب والتوعية بمجالات العمل المختلفة، وكيفية الحصول على عمل.
أما دور المواطن، فهو التغلب على ثقافة العيب التي يلصقها المجتمع ببعض المهن، والتكيف مع متطلبات سوق العمل، من خلال الإقبال على المهن التي يحتاجها السوق، حتى ولو لم تتفق مع الدراسة والمؤهلات.