"الجمعية" عملية إدخار جماعية كانت منتشرة في الأوساط الشعبية خاصة الطبقة المتوسطة، وفيها تقوم إحدى الجارات بتنظيم عملية تعاونية لتوفير الأموال للأفراد والأسر التي ترغب في الإدخار، فتقوم باختيار بعض الجارات لتكون كل منهن عضوة في الجمعية، وتقوم كل جارة بدفع مبلغ معين كل شهر لمديرة الجمعية، وتأخذ المبلغ الإجمالي كل شهر إحدى الجارات.
وقد ساهمت هذه "الجمعية" رغم بساطتها وعفويتها في مساعدة الكثير من الأفراد والأسر، ففكت العديد من الضوائق المالية ، وجهزت العديد من البنات للزواج، وسددت الكثير من الديون، وكانت الوسيلة الوحيدة للفقراء , وأبناء الطبقة المتوسطة لتحقيق أحلامهم البسيطة.
كانت "الجمعية" نظام ادخاري اقتصادي جميل له دوره في ميزانية العديد من الأسر، ونظام شعبي للتكافل الاجتماعي كان له الأثر في دعم النظام الاقتصادي للأسرة، والأجمل أنها كانت تجسيد لروح الثقة والتراحم والترابط التي كانت تسود المجتمع القديم، حيث كانت كل سيدة تدفع المبلغ المستحق شهريا دون الحصول على سند أو إثبات، والجميل أيضا أن ترتيب "الجمعية" يكون قابلا للتغيير في حالة واجهت أي عضوة منها مطلبا ملحا يستلزم الحصول على المبلغ، فكانت الجارات يتنازلن عن أدوارهن عن طيب خاطر لدعم الجارة المحتاجة.
ومع ظهور البنوك والتعاملات المالية والقروض والفوائد تراجعت الجمعية، ولكنها لم تختفي ، فهناك كثيرون مازالوا يصرون عليها، وبدأت تعود بقوة، ليس ذلك فقط ، فقد شهدت دخول الرجال، فتجد مثلا مجموعة من الزملاء في إحدى الشركات يديرون "جمعية"، ومجموعة من الأطباء في مستشفى يديرون "جمعية" أخرى.
"الجمعية" نظام اقتصادي جميل يجب المحافظة عليه، والتشجيع على ممارسته، حتى لا ينقرض، كالأشياء الجميلة الكثيرة التي انقرضت في حياتنا.