تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



القبضة العادلة | الأمير كمال فرج


أثبتت ثورتا تونس ومصر أن القبضة الأمنية لا يمكن أن تسيطر على الشعوب، وإذا تمكن الأمن من السيطرة على الوضع لفترة، فإنه غير قادر على التحكم في الوضع كل الوقت،  فالشعوب كالعواصف يمكن أن تثور في أي لحظة، .. بحار هادئة يمكن أن تثور في أي وقت،  ويتحول إلى فيضان عارم يطيح بالأخضر واليابس، .. سيل عرمرم لا يمكن إيقافه أو الوقوف أمامه.

 القبضة الأمنية مهما أوتيت من إمكانيات قمع حديثة متطورة وعدد وعدة وعتاد، ومدرعات وقنابل مسيلة للدموع وصاعقات كهربية، وأسلحة أوتوماتيكية لا يمكنها أن تسيطر على الشعب .. أي شعب .. ، قد تنجح في السيطرة على أفراد وجماعات .. ولكن عندما يثور الشعب يصبح قوة ضاربة من المستحيل السيطرة عليها. وتصبح القوى الأمنية عندها كمن يحاول أن يوقف الطوفان.

 كل أجهزة الاستخبارات العالمية لا يمكن أن تتوقع ثورة الشعب، البركان يظل يتحرك ويغلي لفترة طويلة، ثم تأتي لحظة الإنفجار العظيم، .. بعد نجاح ثورة تونس، ومغادرة بن علي البلاد في جنح الليل، سئل وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عن إمكانية انتقال الاحتجاجات الشعبية من تونس إلى مصر ، فقال "هذا كلام فارغ"..

 ولكن بعد أيام قليلة ثار البركان المصري، وأعلن الشعب ثورته،  وأطاح بالنظام في 18 يوما، ولا أدري ماذا سيكون تعليق الوزير الذي كان أحد أركان النظام البائد، وأحد عوامل عجزه وفشله الآن؟.

إنه غرور السلطة والقوة الذي يعمي صاحبه، ويعتقد عندها أن الأجهزة الأمنية قادرة على حمايته، ولكن الواقع يؤكد أن القبضة الأمنية مهما أوتيت من إمكانات لا تستطيع احتواء الشعب، كما لا يستطيع سد خشبي الوقوف أمام  السيل.

 العنف أسلوب خاطيء لإصلاح الأمور، لأنه يعني الفشل في فرض الحجة والبرهان، فعندما يغيب العقل والحجة والمنطق والشرعية لا مفر لدى البعض من استخدام القوة لفرض الرأي، وقد أثبت التاريخ أن العنف لا يمكن أن يؤسس لمجتمع هاديء، وإن نجحت الدكتاتورية في فرض الخوف والاستسلام لفترة ستأتي لحظة الإنفجار ، وكما قيل في الأثر "الكبت يولج الانفجار".

 من هنا فإن العنف لا يصلح في كافة وجوه التعامل الإنساني .. مع الأبناء والزوجة والزملاء في العمل والجيران، وتربية المراهقين، كما انه لا يصلح أبدا للتعامل مع الشعوب.

 الديكتاتورية أحد صور العنف،  ففيها يعلو الصوت الواحد وتصادر الآراء الأخرى، عن الرأي فلا رأي يعلو فوق رأي الحاكم، الدكتاتورية عنف سياسي تكون الضحية فيه  شعوب ومجتمعات.

 ولكن المؤسف أن معظم النظم العربية والإسلامية نظم دكتاتورية. تفتقر إلى أدنى مقومات الديمقراطية، رغم أن الإسلام هو دين الديمقراطية والعدل والحرية وكرامة الإنسان.

 الإسلام العظيم تعرض للاختطاف، على أيدي أنظمة وفرق وجماعات، فرغته من مضمونه وقيمه، وأصبح في كثير من الأحيان أداة لتشريع الظلم والإرهاب والعنف الأسري والاجتماعي، لقد أصبح الإسلام للأسف الشديد أقنعة ومساحيق تجميل وأداة للنصب، وواجهة لتبرير الأدران الإنسانية.

الإسلام الحقيقي هو دين العدل، والحرية، والكرامة، والعلم، والوعي، والرحمة، والتكاتف، والصبر، والإحسان، والعزة، والفطنة، والذكاء، والكلمة الطيبة، والسلام، والإعمار، والتنمية.  ولكن قراصنة الإسلام جعلوه في بعض الأحيان مرادفا للإرهاب والقسوة وقهر المرأة والدكتاتورية،  والتسلط الاجتماعي.

 الردع الأمني قد ينجح في ردع الأجساد، ولكنه أبدا لا يصلح لردع الأفكار، فالجسد قد يكون حبيسا في زنزانة، ولكن أفكاره تتحرك وتتفاعل، وتكسب كل لحظة الأنصار والمؤيدين.

 لذلك فشلت الكثير من الحملات الأمنية التي تقودها العديد من الدول ضد الإرهاب، لم يدرك وزراء الأمن العرب أن الإرهاب لا يواجه بالأمن، ولكن يواجه بالفكر، وأن لكل فعل رد فعل، فالبطش الأمني والظلم والدكتاتورية وقود خطير للعنف والإرهاب.

أعادت ثورتا مصر وتونس ترتيب الأوراق، وأظهرتا عاملا مهما لم يكن في الحسبان، وهو عامل الشعوب، وبعد أن كانت كلمة الفصل للقوة الأمنية، أصبحت الكلمة العليا للشعب، فهو الوحيد القادر على رسم واقعه،  وتحديد مستقبله.

 العدل أحد قيم الإسلام العظيمة التي تم الالتفاف عليها، وإذا لم تعدل الأنظمة تنفيذا لأوامر الدين، فإن ثورتي تونس ومصر أثبتتا أن الشعوب قادرة على انتزاع حريتها بيديها، بالروح والدم وقوافل الشهداء، وطرد الظالمين شر طردة.

 القبضة الأمنية يتجاوزها التاريخ، لأنها تتنافى مع العالم الجديد الذي يرسخ الحرية والديمقراطية، وينقل الحدث لحظة وقوعه، وقد ثبت فشلها على مر التاريخ، ليس فقط الفشل، ولكن شهدنا جميعا نتائجها الكارثية على المجتمعات والشعوب.

 القبضة العادلة هي الخيار الوحيد الذي يضمن أمن المجتمع،  وحريته ورخاءه، ..  العدل هو القوة الوحيدة القادرة على منع الثورات والتصدي للعواصف والبراكين القادمة.

تاريخ الإضافة: 2014-04-15 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1202
0      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات