يتعامل كثير من الناس مع المعدة كما يتعاملون مع سلة المهملات، يلقون فيها على مدار اليوم أي شيء .. المهم أن يسدوا جوعهم، ويسكتوا العصافير اتي تصوصو حسب الجملة الشعبية الطريفة ، ويوقفوا سعار القاتل المجنون.
معظم الناس عندما يجلسون للأكل. لا ينظرون إلى نوعية الطعام، فقط يقذفون الطعام في معدتهم دون دراية أو تأمل أو تدقيق من ناحية، ودون تذوق أو استمتاع بمذاق ما يأكلونه من ناحية أخرى.
إذا تأملنا الهدي النبوي والآداب التي وضعها الإسلام في التعامل مع الطعام سنكتشف الكثير من الجوانب المهمة، فقد حثنا الإسلام على عدم الشراهة في الأكل، بل حثنا على عدم ملء البطن بالطعام، يقول النبي الكريم "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع".
كما وضع الإسلام آدابا للأكل، يقول التوجيه النبوي "ياغلام سمّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك"، وحذر من إساءة التعامل مع المعدة، عن مقدام بن معدي كرب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، وإن كان لابد فاعلا ، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه)"، ويقولون في الأثر "المعدة بيت الداء".
الطعام قد يكون سببا للصحة، وقد يكون سببا للمرض، لذلك من المهم أن يحرص المرء على معرفة ما يأكله، لا أن يأكل كما تأكل البقرة البرسيم. معرفة ما تأكله حق لا يجب تجاهله بدعوى الإحراج. أتذكر صديقا مغربيا كان يدخل المطعم وقبل أن يجلس يسأل العمال عن الطعام ومكوناته وكيفية إعداده كما يفعل مفتش التموين.
والطعام متعة من متع الحياة، ولكن كثيرون يفقدون هذه المتعة بالأكل السريع، ويقطع الطعام المسافة بين المعلقة والمعدة في ثانية واحدة. دون تذوق أو استمتاع.
الطعام غريزة كالجنس والحب والكلام والهوايات المفضلة، ومن المهم أن نستمتع بها، وعلينا أن نستمتع بمذاقات الأشياء، .. حتى الماء يجب أن نتذوقه، وليس ذلك فقط ، علينا أن نتذوق ونستمتع بالهواء والمنظر الحسن والحواس الخمسة، ولكن كثيرون يجهلون ذلك، والنتيجة الحتمية السمنة والمرض، لأن عدم إشباع حاسة التذوق الكامنة كالوحش داخل كل إنسان، تدفع المرء للمزيد من الأكل والسقوط.