ينزعج الرجل إذا لمح شعره بيضاء في أحد جوانب رأسه، يكفهر وجهه، ويصاب بالهم والغم، ويبدأ وقتها هاجس الإحساس بالعمر، الذي يتسرب من بين يديه كحبات الماء، يخاف الرجل من المشيب كما يخاف من الغول وأم العيال وانهيار الأسهم ، فيلجأ إلى إخفاء الشعيرات البيضاء بشتى الطرق.
وقد استغلت شركات التجميل هذه الهاجس الاجتماعي، وقدمت عشرات المنتجات التي تخفي الشيب في ثوان معدودة، وتحول الستيني إلى شاب في المرحلة المتوسطة.
السبب يكمن في اعتقادات اجتماعية خاطئة، فالمشيب يرادف في الثقافة العربية كبر السن والكهولة والشيخوخة، والرجل عندما يصل إلى سن الخمسين أو سن التقاعد يعتبره الناس كبيرا في السن، ومن أجمل ما قيل في الشيب قول دعبل الخزاعي ( لا تعجبي ياسلم من رجل / ضحك المشيب برأسه فبكى).
بينما في الثقافة الغربية لا وجود لهذه الهواجس ، فسن الشباب لديهم يمتد إلى سنوات بعيدة، والرجل يعمل في سن الثمانين بل لأكثر من ذلك، الشيب عند العرب مرادف لكبر السن، أما في العالم الغربي فهو "نيو لوك" وموضة يلجأ إليها الشباب.
لكل عمر جماله وحلاوته، والشيب علامة شكلية ليس لها علاقة بالصحة والسمات الشخصية والإمكانات الخاصة، والإنسان الواعي يعرف مزايا كل مرحلة ، ويستمتع بها بحب وتفاؤل، والشيخوخة الحقيقية هي شيخوخة الفكر وليس الجسد، وكما يقول القول العامي السائر "الشباب شباب القلب" .