حافظ الكتاب على نفوذه على مر العصور الطويلة، ولم يفلح المذياع عندما اخترع في هز هذا النفوذ، ومن بعده فشل التلفاز في القضاء عليه، رغم تكهن البعض بتأثيره البالغ على الكتاب كوسيلة وحيدة ـ حينئذ ـ لنقل المعلومات والمعارف.
ورغم أنني لا أؤمن بتغلب وسيلة على أخرى، أو سقوط أحد وسائل المعرفة ضحية لظهور وسيلة جديدة، أو المتاجرة كما يفعل البعض بمصطلحي "الأصالة والمعاصرة" إلا أننا يجب نعترف بالتغير الهائل الذي أحدثته التقنية في السنوات الأخيرة، فمع ظهور الإنترنت حدث ما يمكن أن نسميه انقلابا في مصادر المعلومات، وظهرت بذلك وسيلة جديدة سريعة واقتصادية وسهلة لتلقى وتبادل المعلومات.
يجب أن نعترف أن الإنترنت بالخدمات العديدة التي وفرها أخذ ـ أو قل في طريقه للأخذ ـ من رصيد الكتاب الورقي العتيق، حيث بات الكثيرون يطالعون الصحف والكتب والمعارف والموسوعات والمذكرات الشخصية والتاريخية عبر شاشة الكمبيوتر ويستحضرون العالم بـ "كبسة زر".
علينا أولا أن لا نستنكف من الاعتراف بقوة التغيير الذي حدث، والواقع الجديد الذي فرضته التقنية، وأن "الكتاب" ـ مع إقرارنا بمرجعيته الثقافية وبأنه سيظل وسيلة تقليدية للقراءة ـ يواجه الآن منافسة شديدة غير متكافئة مع النشر الألكتروني، وأن الكتاب في كل يوم يخسر العديد من المؤيدين.
من هنا تبرز أهمية مواكبة تيار التقنية، والبدء فورا في تأسيس "المكتبات الألكترونية" الاعتبارية، التي تتكون من أبنية ستأخذ حيزا أصغر بكثير من المكتبات الحالية التقليدية، وتضم الكتب الألكترونية المحملة على أقراص سهلة التداول، وقاعات مزودة بأجهزة كمبيوتر للاطلاع الرقمي، ومن ناحية أخرى إنشاء مكتبات رسمية على الشبكة العنكبوتية يمكن من خلالها المتصفح الاطلاع على ما يريده أيضا بـ "كبسة زر"، ومن ناحية ثالثة إطلاق مشروع عربي تاريخي لتحويل ثقافتنا الورقية إلى ثقافة رقمية.
يجب أن نركض ونواكب التغيير ، ونستعد له بكل السبل والإمكانيات، لأننا إن لم نفعل ذلك ستدوسنا العجلات .