فشلت برامج الواقع في فرض "واقع" جديد في العالم العربي، لقد ظن منتجو هذه البرامج أن "صناعة النجم" عملية سهلة، وأرادوا ـ بحسن نية ـ أن يقدموا المواهب، ولكنها كانت مواهب من الجليد، سرعان ما فاجأتها الشمس فانهارت بسرعة بصورة مضكحة.
أرادت هذه البرامج فرض قواعد فنية جديدة للنجومية، فخصصت الميزانيات الضخمة والإمكانيات الإنتاجية والاستعراضية الهائلة وأبواق إعلامية هائلة لصناعة النجم، ولكن بعد عشرات البرامج، اكتشفنا أن الموهبة كانت وهم، والتجربة كانت فاشلة، والغناء في "الحمام" يختلف عن الغناء أمام الملايين.
اهتمت مثل هذه البرامج بكل شيء، الديكورات والملابس والدعاية المكثفة، ولكنها غفلت عن الأهم وهو الموهبة الحقيقية، وكانت النتيجة أن النجوم الذين فازوا بألقابها، وتوجوا في مظاهر احتفالية أسطورية ضخمة، سرعان ما تواروا ، وطوتهم ستائر النسيان وفقا لـ "ثومة".
لعبت هذه البرامج على تغذية الرغبة في التلصص، واستغلال روح التعصب لدى الجمهور، والذي يدفع كل شعب إلى التصويت للمشترك الذي ينتمي إليها.
رسائل الـ SMS معيار تجاري بحت، و"سوبر ستار العرب والكرة الأرضية" و"النجم الأوحد و"الأعظم" و"فلتة زمانه"، ألقاب لا يمكن أن تصنع النجم.
النجم الحقيقي لا يصنع هكذا بسهولة في "الخلاط "، ولكنه نبتة برية تخرج من تربة الموهبة والمعاناة والتجربة الإنسانية الثرية، ظواهر طبيعية، كالمطر والبراكين، صورة واقعية كأرغفة الخبز والوجوه التي لوحتها الشمس.