تستفزني كثيرا كلمة "النجومية" وتصيبني بالحساسية، واعتقدت لأول وهلة أنها كلمة غير فصيحة، أو أنها اشتقاق غير سليم، أو ربما كلمة دارجة تم تفصيحها، أو كلمة أعجمية عربت كما يحدث في بعض الألفاظ، ولكن العكس صحيح!.
وتستعمل هذه الكلمة عادة عند الرغبة في الإشارة إلى شهرة شخص، وكما يقول التعبير "سطع نجمه" أي تألق وأصبح الناس يعرفونه ويشيرون إليه، . الحساسية التي تنتابني تجاه هذه الكلمة مردها مجموعة أسباب .. منها اقتصار استعمال لفظة "النجومية" على مجالي الفن والكرة، حيث تطلق على الفنانين واللاعبين المشهورين، وأسرف العاملون في هذين المجالين في استخدام هذا الوصف، حتى أنها تطلق أحيانا على أي شخص حتى ولو كان في الحقيقة "كومبارس".
تعبير النجومية إذا أجزناها على سبيل الاستعارة يجب أن يعمم ليشمل كل متفوق في مجاله. العالم والطبيب والمعلم .. حتى المهن التي يعتقد البعض أنها عادية كالنجّار والسباك وعامل البناء.. ففي كل مهنة نجوم تمكنوا من مهنتهم، وشاعت سمعتهم الحسنة بين الناس، حتى باتوا "نجوما" بالمعنى الإستعاري المقصود.
المشكلة الأخرى أن "النجومية" لم تكن يوما معيارا حقيقيا للتقييم، فلربما يكون المرء نجما بمعنى الشهرة وذيوع الصيت، ولكنه في الحقيقة خالي من القيمة كثمرة البطيخ المقورة، وقد يوجد آلاف من المبدعين المتفوقين في مجالاتهم، ولكن لا يعرفهم أحد..!
المشكلة الثالثة أن الشهرة لم تكن يوما علامة على الإيجابية، فقد يتحول قاتل أو مجرم أو محتال في لحظة إلى مشهور لظهوره "نجما" في جريمة مدوية أو قضية فساد تناولتها الصحف. فكما توجد شهرة إيجابية توجد شهرة سلبية .. وهي شهرة الخيبة والندامة.. شهرة القتلة والمجرمين.
"النجومية" تعبير خادع يضر أكثر مما يفيد، لا يصلح معيارا لا للتقييم أو الوصف. لفظة إعلانية ملتوية تسهل للأدعياء التسلق والظهور، وستبقى ـ رغم شيوعها ـ مجاملة لفظية خارجة عن المألوف.