لا أعرف ما هو المبرر الذي يدفع الكثيرون لإخفاء أسماء أمهاتهم . يتوتر المرء ويحمر وجهه خجلا إن عرف أحد أصدقائه اسم والدته، ويبذل كل الجهد لإخفائه، وكأنه العار، يتساوى في ذلك المثقف والجاهل، ومجاراة لذلك تترك الجهات المختصة في السجلات المدنية ذكر اسم الأم اختياريا. لا يهم إن ذكرته أم لا، فما هي المرجعية الاجتماعية لهذا الموقف المنافي للطبيعة والفطرة والدين؟.
ربما السبب أن الشعراء القدامى كجرير والفرزدق كانوا يهجون منافسيهم، ويعيّرونهم بأسماء أمهاتهم، فدأب الناس على إخفاء أسماء الأمهات، اتقاء لقصيدة هجائية تتناقلها العرب، وربما ذلك امتدادا لاعتبار العربي المرأة من محارمه التي يجب أن لا يظهر منها حتى اسمها، ولا ننسى عادة وأد البنات في العصر الجاهلي التي كان مردها اعتقاد الرجل أن إنجاب البنت عار يستلزم الستر والمداراة حتى ولو بالموت.
ولعل الدليل على ذلك أن المرأة كانت إلى وقت قريب تكتب بالاسم المستعار، لأن اسم المرأة كان عورة، يجب أن يحجب ويخفى، حتى لا تلوكه الألسن ويتلطخ شرف العائلة أو القبيلة.
وربما يخجل البعض من اسم أمه لكونه قديما لا يجاري الموضة، مثل جمالات أو فرنسا أو ست أبوها، وينسى هؤلاء الخجولون أن هذا الاسم هو الذي رباهم حتى أصبحوا يحملون الشوارب واللحى.
ومن الممكن أيضا أن يكون مرد ذلك الهاجس الشعبي من السحر والشعوذة ، حيث يتردد أن بعض السحرة يستخدمون اسم الأم لعمل الأسحار للبعض، وهذا كله يتنافى مع العقيدة الصحيحة واحسان الظن بالله.
يحدث هذا رغم المكانة الكبيرة التي وضعها الإسلام للأم، حيث وضع الجنة تحت أقدامها . لن نتطرف ونفعل مثل نوال السعداوى التي طالبت بإلحاق الطفل باسم أمه وليس أبيه، لتعارض ذلك مع الدين، ولكن فقط نطالب بالاعتزاز باسم الأم .