تتميز الشخصية العربية بعدد من السمات التي قد لا تجدها مجتمعة في شعوب كثيرة، كالشهامة والكرم ونجدة المستجير والإيثار والخيال والتدين والطيبة ورهافة الحس وقوة العاطفة.
ورغم أن بعض هذه الصفات قد تتجاوز المعقول، لتصل أحيانا لحد "العبط"، إلا أن المميز في هذه الشخصية ـ رغم التحديات التي تواجهها الآن ـ قدرتها على حفظ هذه السمات في بصمتها الوراثية، وتوريثها من جيل إلى آخر. قد تكون الصورة تغيرت قليلا ، وحطّ عليها الغبار، ولكن بمسحة بسيطة يظهر معدنها الأصيل متوهجا نابضا بالحياة.
ولكن المشكلة تكمن بصورة أساسية في جهلنا بالآخر، وجهل الآخر بنا، وفي الحالتين فإن المذنب الأكبر نحن، لعجزنا عن تقديم صورتنا الحقيقية، وكانت النتيجة حالة غريبة مستمرة من الجهل المشترك تشوب علاقتنا بالآخر، وتعمق الهوة بيننا يوما بعد يوم ، وتتسبب في نفور وصدام حضاري لا يعلم مداه إلا الله.
أي أداء لا معنى له، ما لم توجد وسيلة تعبر عنه وتعرّف به، وأي فكرة ستموت في المهد ما لم تكون لها أجنحة لتصل إلى الناس، حتى الرسالات السماوية لو لم يحملها الرسل، لما انتشرت وأحدثت كل هذا التأثير. من هنا تبرز أهمية التعريف بأنفسنا لدى الآخر، بدلا من تركه غارقا في الجهل ، فريسة سهلة لأعدائنا يملأون دماغه بما يريدون.
المعرفة أول خطوات القرار السليم، والتعارف أحد الواجبات التي يحضنا عليها الإسلام، يقول تعالى "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، علينا أن ندشن قنوات للحوار والمكاشفة والتعارف مع الآخر، بدلا من قنوات الظن والتوجس والتكفير.