تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



خريطة نفسية | الأمير كمال فرج


الأبعاد النفسية تتحكم في حياتنا، ترفعنا إلى السماء، وتهبط بنا إلى الأرض، تتحكم كالريموت كونترول في صحونا ونومنا، وتحدد الشخصية التي سنكون عليها في المستقبل،  قد تحول الطفل إلى عالم، وقد تحوله إلى لص.

 والمرض النفسي خطر يفوق في خطورته المرض العضوي، لأن المرض العضوي من السهل تشخيصه، ومن ثم علاجه، فالمريض يتألم ويشكو، فيظهر العرض المرضي كناقوس الخطر، أما المرض النفسي فيصعب اكتشافه، وبالتالي يتأخر تشخيصه وعلاجه، فالمريض هنا يظل سنوات يتألم في صمت، كما أن هناك العديد من الأمراض النفسية التي لا يكتشفها المرء طوال حياته.

 ورغم وجود علم واسع اسمه الطب النفسي إلا أن هذا العلم لم ينجح إلا في كشف قمة الجبل الجليدي، ولم ينجح في كشف غموض المرض النفسي والحد من معدلاته المرتفعة .. وذلك لأسباب عدة، منها الجهل العام بطبيعة المرض النفسي وأطواره وكيفية علاجه، حتى من يعاني عرضا نفسيا واضحا يخشى من زيارة المريض، حتى لا يتهم بـ "الجنون".

 الأمراض المنظورة أسهل اكتشافا وتشخيصا وعلاجا من الأمراض الخفية التي تتغلغل ببطء في الروح، ثم تنقض على المريض فجأة وتظهر أعراضها الخطيرة، في وقت يصعب فيه العلاج.

 وتتفاوت الأمراض النفسية في حجمها وخطوتها بدءا من مرض الوسواس المرضي الشائع والذي يعني توجس الإنسان من المرض، وحتى الانفصام في الشخصية والشيزوفرنيا والتي تعني أن يكون للإنسان الواحد شخصيتان، لكل شخصية اتجاهاتها وقناعاتها وتصرفاتها الخاصة.

 الكثير من الجرائم التي تحدث في المجتمع سببها في الأساس أمراض نفسية، الدافع النفسي موجود دائما في كل جريمة، حتى لو بدا الأمر في البداية خلافا لذلك،  ليس ذلك فقط، الكثير من مظاهر العنف الأسري والاجتماعي، مشكلة النظافة، الضوضاء، مشاجرات الجارات، .. وغيرها من مشكلات الحياة اليومية .. كلها بها محرك نفسي.

 حتى على مستوى السياسة، الكثير من سلبيات السياسة ترجع في الأساس إلى دوافع نفسية، .. والدكتاتورية في الأساس نتاج لحالة نفسية ترقى لمرتبة المرض، وقد قام خبراء الاجتماع بتحليل شخصيات سياسية دكتاتورية شهيرة مارست أفظع الجرائم بحق الشعوب، وأكدوا على وجود الخلل  النفسي في الشخصية.

 وقد ساهمت ضغوط الحياة في تفاقم المرض النفسي، وتحويله من حالة طارئة إلى حالة عامة، وإذا أحضرنا شريحة من الناس في الشارع على سبيل المثال، وأخضعناها للفحص النفسي، سنكتشف أن معظم أفراد العينة يعانون من درجة ما من درجات المرض النفسي. حتى أننا يمكن عن طريق الاستعارة أو الفلسفة أن نقول أن المجتمع كله مجانين.

 ونظرا لخطورة المرض النفسي أيا كانت درجته ، وتأثيره المؤكد ليس على المريض فقط، ولكن تأثيره على المجتمع، وعلى الوطن ككل، فإن من المهم التصدي لهذا المرض. وذلك في البداية بالتوعية بطبيعة المرض النفسي، وأنواعه، وأطواره، خاصة غير المنظورة منها.

 نحتاج إلى خريطة للمرض النفسي تربط بين السلوكيات الإنسانية والمرض النفسي، بحيث يتم معرفة السلوك ذا البعد النفسي من السلوك العادي الطبيعي، كما يمكن تقديم إرشادات مبسطة يمكن عن طريقها للإنسان التعرف على العرض النفسي ومعالجته ومن ثم معالجة السلوك الذي يؤدي له.

 ومن المهم وضع الفحص النفسي ضمن الفحوصات الأساسية عند التقدم للوظائف أو الدخول إلى المدارس والكليات، أو تقلد المناصب ذات الصلة المباشرة بالجماهير. حتى الوزراء والمسؤولين من الضروري وجود اختبار نفسي يؤكد سلامتهم النفسية قبل تعيينهم.

 ليس ذلك فقط، ولكن من المفيد خضوع الإنسان للفحص النفسي كل فترة للتأكد من لياقته النفسية من ناحية، ولكشف أي عرض طاريء ومعالجته بسرعة من ناحية أخرى.

ويجب ضم الاختبار النفسي لمجموعة فحوصات ما قبل الزواج، على أن لا يكون الأمر روتينيا كما يحدث أحيانا، ولكن أن يكون الفحص النفسي الحقيقي عنصرا أساسيا، وان تكون اللياقة النفسية عنصر أساسي قبل الموافقة على الزواج.

 ويمكن تطوير ابتكار فحص نفسي بسيط وسريع يتم تقنيا من خلال برنامج خاص، يسهل لراغبي الخضوع للفحص المهمة، كما يسهل للشركات والمؤسسات إجراء الفحص النفسي لموظفيهم، مع إتاحة الفرصة للجميع الخضوع لهذا الفحص بحيث تكون النتائج سرية.

 تترك الكثير من المجتمعات المريضين نفسيا هائمين على وجوههم في الشوارع، بعضهم يهذي بكلمات غير مفهومة، والبعض يتعرى فيؤذي مشاعر المارة والمواطنين، يفترشون الشوارع والميادين، والبعض يمثل تهديدا لأنفسهم ولمجتمعهم.

 المريض النفسي في العالم العربي يعامل بإهمال، ويعتبره البعض مصدرا للعار، فتتخلص منه أسرته بتركه في الشوارع، بينما لا توجد في الكثير من الدول آلية للتعامل مع هذه الفئة من المرضى، بضمهم إلى مستشفيات خاصة لعلاجهم وحمايتهم من أنفسهم ، وحماية المجتمع في الوقت ذاته منهم.

 تنفق الحكومات المبالغ الطائلة على علاج المرض، ولكن لا تنفق المبالغ اللازمة للوقاية منه، والمرض النفسي من الأمراض التي لا تحظى بالاهتمام الكافي ، رغم التأثيرات الخطيرة لها ، في مجال الصحة ، والمجتمع والمستقبل.

 نتمنى أن نتصدى بسرعة لوحش أسطوري خفي اسمه المرض النفسي، وعمل إستراتيجية صحية لمواجهته، حتى لا يأتي يوم في المستقبل ليصبح فيه كل المجتمع مجانين.

تاريخ الإضافة: 2014-04-16 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1278
0      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات