رصد بعض السكان في بلدة بولاية كوينزلاند الاسترالية أسماك قرش تسبح في الشارع الرئيسي الذي يبعد عن الساحل بأكثر من 30 كيلومترا، وذلك بعد سلسلة من الفيضانات المدمرة التي اجتاحت البلدة ومناطق أسترالية أخرى.
وقال مواطن أنه رأى اثنين من أسماك القرش، وهما تسبحان ضد تيار مياه الفيضانات عبر بلدة جودنا، وقال آخر أن إحدى أسماك القرش شوهدت، وهي تسبح في الشوارع التي غمرتها المياه بمدينة بريسبان.
وقال البعض إنه لابد أن تكون سمكتا القرش قد عبرتا الطريق السريع الذي غمرته المياه وحديقة تضم عددا من المنازل المتنقلة قبل أن تصلا إلى الشارع الرئيسي، وأرجع خبير ألماني الفيضانات العارمة التي داهمت استراليا إلى الاحتباس الحراري.
وواضح أن الآثار الكارثية التي توقعها الخبراء نتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري قد بدأت، وانها لن تكون في المستقبل البعيد كما قال البعض، وواضح أيضا أن الآثار الكارثية التي صورها الخبراء أقل كثيرا مما سيحدث، ولعل منظر أسماك القرش الفانتازي والتي تسبح في شوارع المدن التي طمرتها الأمطار دليل واحد على ذلك.
كانت أستراليا تحديدا ومعها دول كثيرة في العالم تشكو من هجوم سمك القرش على شواطئها، حيث يقتل ويصاب عدد كبير من المواطنين جراء هذا الغزو الخارجي، فماذا ستفعل استراليا حاليا في هذا الغزو الداخلي الذي اقتحم الشوارع والميادين، وربما البيوت؟.
يعزز ذلك ما حدث في نفس مدينة كوينزلاند من غزو آخر للثعابين، حيث أدت نفس الفيضانات إلى غزو الثعابين للبيوت، بشكل أصبح يهدد السكان والفنادق والمؤسسات العامة، لدرجة إعاقة عمل فرق الإنقاذ، حيث كانت الثعابين تسبح في المياه، إضافة إلى الزواحف التي خرجت من أماكنها الأصلية لتبحث عن أماكن جافة.
ماحدث في كوينزلاند يؤكد الغزو المؤكد لعالم البحار بما يتضمنه من أسماك وحيوانات بحر مفترسة وغير مفترسة لليابسة، ويمكنك أن تتخيل القادم الأفظع، عندما تغمر المزيد من الفيضانات المدن ، وما سيتبع ذلك من هجرة كبرى للسكان إلى مناطق أكثر أمنا، ومع تزايد عدد المناطق التي ستغمرها الفيضانات ، سيضطر الإنسان إلى اختراع بيوت
محمية لا تدخلها المياه.
كذلك سيخترع الإنسان طريقة آمنة للدخول والخروج من المنزل كالتي نشاهدها في الغواصات، وأيضا سينتج ملابس واقية مزودة بأنابيب أكسوجين يمكن للمواطن ارتدائها قبيل خروجه من المنزل، ليسبح ـ هو الآخر ـ في الشوارع ، ليصل إلى مقر العمل سباحة بنفس الطريقة، وبجواره تسبح الأسماك وثعابين البحر وأسماك القرش المفترسة، وعندما يصل إلى العمل يجد جميع الزملاء يسبحون مرتديين أنابيب الأكسوجين، وتتم الاجتماعات سباحة ببدل الغوص، وهكذا تسيطر حيوانات البحر على البشر، ليكون ذلك بداية لحقبة خطيرة في حياة البشر لم يتصورها أحد، حتى أفلام الخيال العلمي لم تجسدها من قبل.
ولاشك أن الوضع الجديد رغم مساوئه له ميزات، حيث ستلغي البيئة البحرية الجديدة الحرائق من قاموس الإنسان، أيضا ستسهل الصيد، فلن يحتاج المرء إلى مراكب أو سفن، فقط إذا احتاج سمكا مد يده من الشباك و"قفش" السمكة، وأدخلها إلى منزله مبللة طازجة.
بدأت الآثار الكارثية للاحتباس الحراري مبكرا جدا، وبدأنا نرى بالعين المجردة ملامح مما سيحدث ليس في المستقبل، ولكن الآن. والآن لا مفر أمامنا من أن نعض أيدينا ندما على تجاهل التحذيرات من ظاهرة الاحتباس الحراري، رغم أن العلماء حذروا منها منذ سنوات بعيدة.
والاحتباس الحراري ينتج عن زيادة درجة حرارة الأرض نتيجة لعوامل مختلفة مثل ارتفاع نسبة غازات معينة، وزيادة ثقب الأوزون وانتشار المخلفات الصناعية، وتوقع العلماء عددا من الآثار المدمرة لهذا الارتفاع منها ذوبان الجليد والذي سيترتب عليه ارتفاع مستوى سطح البحر، إضافة إلى غرق الجزر المنخفضة والمدن الساحلية وزيادة الفيضانات والعواصف والأعاصير وانقراض العديد م الكائنات الحية وحدوث موجات من التصحر، وحرائق الغابات، وسوف يؤدي ذلك إلى هجرة جماعية وازديات الأمراض المعدية ووفيات لا حصر لها.
ورغم وجود مشاريع دولية للتصدي لهذه الظاهرة وقوانين واتفاقيات تم إقرارها للحد من الاحتباس الحراري، فإن التغييرات التي بدأت تؤكد أن غضب الطبيعة أسرع من الإجراءات الاحترازية الروتينية التي أقرتها الدول.
فيضانات استراليا جرس إنذار يدق في آذان الجميع، جرس كبير جدا كالجرس الذي يوضع في الكنيسة، تهزه راهبة ضعيفة البنية، ولكن يسمعه القاصي والداني، .. جرس إنذار للهيئات الدولية، والدول، والحكومات، وهيئات المجتمع المدني، والمواطنين، للتحرك قبل فوات الأوان، بسن القوانين الإلزامية الرادعة لإيقاف زحف الخطر.
ولكن لأن الإنسان اعتاد على أجراس الإنذار حتى أصيب بالصمم، وباتت الكوارث لا تثير الدهشة أو الاستغراب، .. لا مفر من أن نبدأ من الآن للاستعداد للتكيف مع الحياة البحرية بإقرار تعلم السباحة في جميع المراحل الدراسية، والتوسع في إنتاج الغواصات، مع تقديم نماذج صغيرة .. غواصة نفر ، وغواصة نفرين، وغواصة عائلية، وتصميم منازل تتنفس تحت الماء، والأهم بحث السبل لمصادقة هذه الكائنات البحرية المتوحشة التي ستحتل مدننا وشوارعنا، وتفرض قانونها الخاص.