منذ أكثر من نصف قرن أطلق عميد الأدب العربي طه حسين عبارته المشهورة "التعليم كالماء والهواء" في دلالة على أهمية التعليم ليس للتثقيف فقط، ولكن أهميته للحياة نفسها. ولكن المشكلة الأساسية في قضية التعليم اعتبارنا أن المصدر الوحيد للتعليم المدارس فقط.
التعليم مجموعة من المعارف يتلقاها الإنسان في مراحل سنية متتالية تساعده في التمييز والتفكير والعمل، والواقع يقول أن هذه المعارف لا يستمدها المرء من المدرسة فقط، ولكن يستمدها من عدد كبير من المصادر، فالبيئة والشارع والإعلام والإنترنت وأطباق الستالايت وثرثرة الأصدقاء ومشاجرات الجيران وألعاب الفيديو والتجارب الإنسانية والتلفاز الذي يحتل غرفنا وعقولنا.. كلها مصادر تمد الإنسان شاء أم أبا بكم من المعارف والقيم. بغض النظر عن تصنيف هذه المعارف والقيم سلبية أم إيجابية.
ولكن ما يحدث الآن هو أننا نتناسي هذه المصادر المعرفية الكثيرة، ونعتمد فقط على التعليم المدرسي الذي لا يشبه مكبر صوت صغير بجوار غابة من المكبرات مختلفة الأحجام.
من هنا كانت المشكلة، فما يحصل عليه الطفل داخل المدرسة يضيع خارجها أمام طوفان المعلومات الآتي من الباب والشباك، وتحيط به كأذرع الأخطبوط.
يجب عدم الاعتماد على المدرسة كمصدر تعليمي وحيد، وإهمال مصادر المعرفة الأخرى الكثيرة، وتحصين الأبناء بكمامات واقية لتنقية المعلومات التي تخترق العقول وتشكلها ـ كعجينة الصلصال ـ كيفما تشاء.