إذا قارنا بين متوسط عمر الإنسان وكائنات أخرى، وقسنا ثوب العمر الصغير بالأحلام الفضفاضة، سنكتشف أن أعمار الإنسان قصيرة، .. إذا قيست بعمر الزمن ستكون أشبه بغمضة عين.
لذلك كان العمر أغلى من الذهب والعقارات والأسهم والثروات الضخمة. العمر أهم من المنصب والجاه والشهادات الدراسية . أغلى ما في الحياة. ولكن كثيرون يتناسون هذه الثروة الحقيقية التي يمسكونها بأيديهم ، ويركضون وراء أشياء تافهة زائلة لا محالة. يلهثون خلف السراب.
اللحظة التي تمر لن تعود، والدقيقة التي تمضي لحظة ميلادها هي نفسها لحظة موتها، واحتفالاتنا بأعياد الميلاد في الحقيقة يجب أن تكون احتفالات للحزن، لأن عاما كاملا مر.. ولن يعود، وأوراق العمر سقطت منها .."ورقة" .
العمر ثروة إنسانية يجب أن تستثمر ، لأنه الفرصة الوحيدة للنجاة من اليم العميق، .. قنطرة إلى عالم آخر قد يكون الجنة، وقد يكون ـ والعياذ بالله ـ النار. لذلك أتعجب من إهمال هذه القيمة الثمينة في حياتنا، وتفنننا في إهدارها وتبديدها ـ كدخان السجائر ـ في الهواء.
والحفاظ على العمر لن يتحقق بعبارة "طال عمرك"، ولكنه يتحقق بالحفاظ على الوقت والتوعية بأهمية التخطيط وملء الفراغ بما هو مفيد، وإعادة تخطيط دوام العمل بما يحقق الحفاظ على الوقت، وتشجيع الاختراعات والابتكارات تقلل فاقد الوقت في كافة شؤون الحياة، واستحداث تصنيف جديد لجريمة غير معترف بها وهي "جريمة إهدار الوقت" ، ومعاقبة مرتكبها بالغرامة والسجن، حيث يمكن لكل إنسان أن يقاضي أي شخص أو جهة ساهمت في إضاعة وقته.
وسوف يقع تحت طائلة هذا القانون الهيئات الحكومية التي تبدد أوقات مراجعيها في الطوابير، ولا تقدم لهم الخدمة بالسرعة المطلوبة، وهيئات المرور المسؤولة عن فقد الإنسان أوقاته الثمينة في إشارات المرور المزدحمة، وإنشاء مكاتب استشارية تقدم الاستشارة الفردية والعائلية لكيفية الحفاظ على الوقت.