هناك مجموعة من التعاليم والوصايا والحكم والأقوال المأثورة وأبيات الشعر التي تناقلها الرواة على مر السنوات والعصور، تشكل خلاصة القيم والتجارب الإنسانية، تداولتها الأجيال، جيلا وراء جيل ، حتى وصلت إلينا.
إنها عصارة التجربة وتجارب الأجداد الذين تعبوا، واقتحموا التجارب ، وقبضوا على الجمر بأيديهم، وذاقوا صعوبة الاكتشاف. انتصروا حينا وهزموا أحيانا . لفحت وجوههم حرارة التجربة، وأدمت أياديهم القمم الجبلية الصعبة، واستخلصوا الدروس الثمينة. ثم تركوا لنا هذه الذخيرة الإنسانية في هيئة حكم وأمثال ووصايا. تماما كالثمرة المقشرة لا تحتاج منا إلا الأكل.
ولكن الكثيرون يتعاملون مع هذا الإرث الفريد من الحكم والمثال والأقوال المأثورة بلا مبالاة ، وإن رددوها . فإنهم يرددونها على سبيل السجع أو التسلية أو استكمال البيان اللفظى، ولو استوعب الإنسان قيمة هذه الثروة التي يملكها لوفر على نفسه الكثير من التعب، واختصر الوقت والجهد، وتجنب العديد من الخسائر.
لماذا لا نستفيد من هذه الثروة التي تمثلها الحكم والأقوال المأثورة وأبيات الشعر الأصيل والأمثال الشعبية، ونوظفها في التربية والتعليم والتوجيه. لماذا تظل هذه الثروة اللفظية والجمالية والإبداعية التي تركها لنا القدماء حبيسة أدراج الباحثين بأقسام اللغة العربية، ومادة للتسلية بين الجارات.
هذا الإرث بما يتضمنه من قيم وأخلاق وتجارب يجب أن تستفيد منه الأجيال، وعلينا جميعا حمايته ونشره وترويجه والاستفادة منه.