الإتكالية آفة اجتماعية خطيرة، وأخطر أنواعها الإتكالية في الرأي، وفيها يقتنص الشخص رأيا جاهزا من الآخرين، يسرقه كما يسرق الغشاش من زميله في الامتحان، وكما يسرق اللص الأوز من أسطح المنازل، وكما يقتنص الذئب الغنم الشاردة.
المصاب بهذه الآفة يعجز عن تكوين رأيه الخاص، فيأخذ رأيه ـ كالأعمى ـ من أقرب شخص، إن كان شرقا فشرق، وإن كان غربا فغرب، وهو يشبه في ذلك السيارة اللعبة التي تتحرك بالريموت كونترول، كنبات اللبلاب العاجز الذي لا يستطيع أن ينمو لوحده، فيتسلق على أقرب الحوائط.
إتكالية الرأي مرض اجتماعي شائع ، يعبر عن كسل فكري وعقل يتثاءب، وشخصية انقيادية، لا تستطيع أن تتابع وتقارن، وتحدد الصواب والخطأ، ولهذه الآفة ضحاياها الكثيرون، فهذه الآفة هي التي أفرزت لنا الإرهابيين الذين اقتادهم البعض إلى الهلاك، فخرجوا على مجتمعاتهم وروعوا الأطفال والعائلات، وسفكوا الدماء، ودمروا الممتلكات، والدليل على ذلك أن الآلاف من الإرهابيين التائبين رجعوا عن أفكارهم بالمناصحة والحوار والاحتكام للعقل والمنطق.
على الآباء أن يعلموا أطفالهم صناعة الرأي، وعلى المدارس أن تعود تلاميذها على الديمقراطية واحترام الآخر، لإنشاء جيل واعي مستنير يملك رأيه وقراره ومستقبله.
قل رأيك مدحا أو نقدا أو حتى شتيمة، المهم أن يكون رأيك أنت . لا تكن دمية في مسرح العرائس، أو بقرة تساق دون أن تدري إلى المذبح، استمع إلى هذا وذاك ، وكون أنت ـ من لحمك ودمك ـ .. رأيك الخاص.