الخلاف في الرأي أمر عادي وبديهي، مادامت الشخصيات نفسها مختلفة، والبيئات متباينة، والمشارب متعددة، وهذا قانون طبيعي في عالم الإنسان والحيوان والحشرات، حتى في عالم الكائنات الدقيقة، و"القياس" عامل أساسي في معرفة الحالة، فالليل هو الذي يجعلك تدرك ما هو النهار، والشر يساعدك على تحديد الخير.
الخلاف في الرأي دليل على ديمومة الحياة التي لا تتوقف فيها الكائنات الحية عن الحركة والعمل والسعى نحو الرزق كما خلقها الله، وإذا اتفق الجميع سيتوقف الزمن، ويتوقف الناس عن العمل ويحدق كل منهم في الآخر، وكأنه لا يعرف ماذا يفعل، والحياة جميلة بتنوعها واختلافاتها ، بل وبتناقضاتها .. خير وشر ونهار وليل وصح وخطأ.
ولكن هنالك من يستنكف أن يخالفه الآخرون في الرأي، إذا خالفه أحدهم في الرأي يتوجس ويتخندق في معسكره، ويطبق فورا نظرية المؤامرة، معتبرا الآخر من معسكر الأعداء، ويحاول فرض رأيه بالقوة، وتكثر هذه الصورة في مجتمعاتنا العربية، في البيت والمدرسة والعمل، لتصبح حالة رجعية قمعية لها ضحاياها الكثيرون.
نحن بحاجة إلى تعلم أدب الاختلاف، كيف تقول رأيك وأقول رأيي، وإذا اختلفنا يكون الحوار هو الفيصل للوصول إلى رأي سواء، واللئيم إذا خالفته أشهر في وجهك السكين، أما الشريف فإذا اختلف أظهر الحجة وأقام الدليل، وقدم لك في نهاية النقاش وردة، وكما يقول التعبير الدارج "الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية"، وكما يقول الإمام الشافعي رحمه الله "رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي الآخرين خطأ يحتمل الصواب".
. فلنرسي حرية الرأي في البيوت والشوارع والمدارس والمصانع والملاعب، ولنتعلم سويا "الحوار" وإعمال العقل.. الميزة التي تميز بها الإنسان وعلا على غيره من الكائنات ..