يهتم المواطن العربي كثيرا بالسمعة، ينتفض إذا أطلق أحدهم عليه صفة غير مستحبة. يحمر ويخضر إذا ذكر أحدهم سيرته بما لا يحب، وأحيانا ترقى سمعة الشخص إلى مرتبة الشرف الرفيع، ولنا في جرائم الشرف التي تحدث في معظم الدول العربية مثل، حيث تمثل سمعة الأسرة محركا أساسيا لها.
وفي الثقافة الشعبية "سمعة البنت" أهم شيء، فإذا تضررت وقف حالها، وهرب خطابها، أما السمعة الطيبة فتجلب العرسان والخاطبات وأولياء الأمور.
والاهتمام بموضوع "السمعة" ليس جديدا، ولكنه أمر ضارب في تكوين الشخصية العربية، وفي العصر الجاهلي كان العرب يتفاخرون بالأنساب، ولا يزوجون ابنتهم من الشاعر الذي كتب فيها شعرا، ويرفضون أن تلوك الألسن أهلهم، أو قبيلتهم بما لا يليق من مثالب، لذلك كانت السمعة قانونا مجتمعيا غير مكتوب. لا يهم إن كانت السمعة "حقيقية" أو "مزيفة" المهم أن تكون السمعة جيدة، لا يهم أن يكون الشخص نفسه جيدا. أو سيئا . المهم ما يقوله الآخرون. حتى أن الجملة المأثورة تقول "الصيت ولا الغنى".
يحرص الكثيرون على "السمعة"، ويستنكفون من النقد وكشف المثالب والجرائم والأخطاء الموجودة في أي المجتمع، والسبب الجاهز هو الخوف من "تشويه سمعة الوطن"، وكان من نتيجة ذلك المزيد من الثآليل، وعزوف الكثيرين عن مناقشة الأخطاء خوفا من نفس التهمة وهي "تشويه السمعة".
لقد أعطينا موضوع السمعة أكبر من حجمه، فالسمعة ليست معيارا حقيقيا للتقييم، فمن الممكن أن تنتحل وتصنع وتخضع للتبييض والتجميل والتزويق، وفي العصر الحالي هناك السمعة سريعة التجهيز، تجهز حسب الطلب. حيث يمكن لآلة الميديا الهائلة أن تصنع ما تشاء، فتجعل القاتل المحتل طيبا، والمسلم إرهابيا.
يجب أن نعيد النظر في موضوع "السمعة" هذا، وندرك أن سمعة الإنسان الحقيقية هي عمله الحي النابض الذي يرى بالعين المجردة.