إذا تركنا قيمنا الجميلة أمام الطوفان ستختفي، وتصبح بعد سنوات قليلة جزءا من الماضي، لو تركناها تصارع أمام فوضى الفضائيات ومنتجي الأغاني الهابطة وسرطان الجنس وأخطبوط التقنية. ستكون المعركة خاسرة، وتموت، ولكن لو تمسكنا بها وساعدناها على البقاء والتطور ومواكبة العصر، ستظل كالشجر القوي الذي ينتصر كل يوم على الرياح.
من هذه القيم الجميلة الشعر الذي تراجع بصورة مخيفة، الشعر ديوان العرب الذي صمد أكثر من 1500 عاما ، وبقى ملهما ومعلما للأدب والجمال والخلاق، هاهو يتراجع في سنوات قليلة، ويوشك أن يختفي، وبعد أن كانت "القصيدة" تنشر في الصفحة الأولى في صحافة الستينات. تراجعت وانزوت إلى مساحات محدودة ضمن أبواب ثقافية تكرس العزلة، وبعد أن كان الشعر خبز الشباب اليومي في السبعينيات والثمانينات، أصبح خبزهم اليومي الفضائيات التي تسري في شرايينهم كالموت البطيء، واختفت المشاعر الجميلة، وأصبح الحب لفظة كلاسيكية غريبة كاللغة الهيروغلوفية.
نحن لا نرفض التطور، ولكن علينا أن نحافظ على مكتسباتنا الحضارية، ونضيف من الجديد ما يثري هذه المكتسبات، والشعر من أروع المكتسبات التي شكلت تاريخنا وحضارتنا وتراثنا الثقافي.
يجب أن نعيد للقصيدة مكانتها في نفوس الشباب، وأن ندرك جميعا أننا عندما نحيى القصيدة، فإننا نحيي الأخلاق والشهامة والنبالة والحب العذري العفيف والأدب واحترام المرأة والإيثار والانتماء ورقة العاطفة والمشاعر الجميلة، وكلها أشياء نحن في أمس الحاجة إليها الآن.