يجهل الكثيرون معنى الأجازة، وتختلف الدوافع والأسباب، فأحيانا ننسى الأجازة بسبب آلة العمل السريعة التي ندور في تروسها، دون توقف، وأحيانا تدفعنا لقمة العيش للركض المستمر حتى في الأجازات الرسمية، وأحيانا أخرى نستعذب العذاب ماضين خلف أكذوبة كبرى اسمها تأمين المستقبل، وفي معظم الأحيان تضيع الأجازة لعدم الوعي بمعناها ومدلولها وفائدتها وطرق ممارستها.
ويتفنن البعض في تضييع أوقات الأجازة، فهي عندهم وقت للنوم المفتوح، أو للتنكيد على الأسرة بممارسة النقد المنزلي، والجلوس في المنزل طوال اليوم وتفحص الأشياء ومراقبة الزوجة، والتفنن في التقريع، وأجازة المغتربين فرصة نادرة لقضاء الحوائج والبحث عن بنت الحلال، ومحاولة اللحاق بقطار سريع ليس له محطات. الخلاصة هناك جهل عام بمفهوم الأجازة تكون نتيجته ضياعها وعدم الاستفادة منها، وما يمثله ذلك من خسائر كبيرة.
الأجازة راحة للروح قبل أن تكون راحة للجسد، فالروح مثلها مثل الجسد تحتاج إلى أن تسكن وتهدأ وتتأمل وتتسامى لتخضر وتورق . الأجازة وقت مستقطع من مباراة لا تفوز بها أبدا نلتقط فيها الأنفاس، ونشحن الطاقات لبدء "شوط آخر" مشحون بالعمل والكفاح.
الأجازة استراحة المحارب الذي يصارع تحديات كثيرة في الحياة من أجل إثبات الذات وتوفير العيش الكريم لعياله، ولكن الواقع يؤكد أن الكثيرين لا يعرفون طعم الراحة. يركضون كالأحصنة في مضمار لا ينتهي، ويسقطون فجأة كأوراق الخريف.