"الحكمة" كلمة مغبرّة خارجة من المعاجم والكتب التاريخية. ليست كلمة عصرية كالنيولوك والتحرر والانفتاح، وغيرها من معايير شباب اليوم، ولكنها رغم ذلك تتحكم في مصير الكثير من الشخصيات والمجتمعات والأمم. قال تعالى "يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا"(البقرة 267)
الحكمة تختزن مجموعة من المعاني كالثقافة والتريث وبعد النظر والأبوية والإيثار والنظرة الشمولية للأشياء، فالحكيم لا ينظر تحت قدمه، ولكن إلى الأفق البعيد، لا يتهور ولا يحكم على المظاهر، ولكنه يرى ويقارن ويتلمس النتائج، ويكون موقفه في النهاية عين الصواب. إذا نزعت الحكمة من الشخص نصبح كمن أسند قيادة طائرة لمجنون.
والحكمة قاسم مشترك لابد من توافره في الناس مهما تعددت المزايا، فما جدوى المال إذا لم تتوفر في صاحبة الحكمة في إنفاقه، وما جدوى المنصب إذا كان صاحبة من أهل النزق والاندفاع؟، وفي حياتنا الاجتماعية الكثير من المواقف. في تربية الأبناء. في التعامل مع الزوجة. في العلاقات مع الجيران، وزملاء العمل، تخلو من الحكمة فتحيد عن الصواب.
وفي السياسة الحكمة سمة يجب أن يتميز بها السياسي. إذا اختفت تشتعل الحروب، وتزيد الهوة بين الشعوب. لا تكفي النيات الطيبة، ولا تفيد الشعارات الزاعقة التي تلهب أكف الجماهير، الجدوى في المواقف الحكيمة التي تعبر عن مصالح الشعوب.
علينا أن ننفض عن " الحكمة" غبار القواميس، ونعلمها لأبنائنا وبناتنا، ليتحلى بها الجميع في كل مكان.