رغم أن أول أمر إلهي نزل على الأمة الإسلامية هو أمر بالقراءة، فإننا عرفنا بأننا أمة لا تقرأ، ولعل العزوف عن القراءة أشهر ملهاة ومأساة في تاريخنا العربي، فإذا راقبت مبيعات الكتب السنوية في الدول العربية مجتمعة، ستجدها أقل بكثير من مبيعات دار نشر أوروبية واحدة.
الكتاب لدينا يوزع بالعشرات ، وفي الغرب يوزع بالملايين، والكاتب لدينا يعاني من الفقر والعوز وفي أحسن الأحوال مستور الحال، أما في الغرب، فالكاتب مليونير تحقق مؤلفاته الملايين من الدولارات، حتى الصحف لم تنج من المشكلة، فبينما تجاهد الصحف العربية، وتحاول أن توزع الآلاف، فإننا نسمع عن الصحف التي توزع الملايين في أوروبا وأمريكا وبريطانيا والصين واليابان.
العربي إذا قرأ فإنه يقرأ الحوادث ويحل الكلمات المتقاطعة، أما الغربي فيقرأ في العلوم والطب والرواية وفنون الأدب العالمي. العربي يقرأ في منزله أو عمله، وفي أكثر الأحوال على المقهى، أما الغربي فيقرأ في المترو والحافلة والمتنزه والملاهي وأثناء فترات الانتظار، واقفا أو جالسا على الأرض أو ممددا تحت شجرة، وإذا راقبت السائح الغربي ستجده يحمل دائما شيئين أساسيين هما الكتاب وقارورة الماء.
المواطن العربي لا يقرأ، هذه الحقيقة المرّة كالعلقم، الحادة كالنصل، يجب أن تدفعنا إلى بحث المشكلة، لأن الأمر لا يتعلق بكماليات يمكن التغاضي عنها، ولكنه يتعلق بمستقبل أمة، القراءة سلاح استراتيجي ضد الجهل والتطرف والإرهاب، تمنح المرء حاسة سابعة وعيون جديدة كعيون الصقر. القراءة هي المشكاة الذي تضيء المستقبل، وبدونها لن نجد إلا الظلام.
المشكلة تكمن في القواعد المجتمعية التي لا تحض على القراءة، كما تكمن في التعامل مع الكتاب كجانب ترفيهي، بينما الكتاب سلعة يجب أن تسوق وتقدم في أفضل صورة، وهناك مشكلة في حجم الكتاب وشكله وتصميمه ووزنه الذي يصعب حمله .
الأمر يحتاج إلى دراسة قومية لبحث هذه المشكلة الخطيرة التي تهدد الحاضر والمستقبل.