مع إيقاع العصر المتسارع وديمومة الحياة العصرية سقطت منا الكثير من الأشياء، حاولنا أن نضرب مئة عصفور بطلقة واحدة، فخسرنا جميع العصافير، حاولنا أن "نكوش" بأيدينا على كل شيء ، فخسرنا كل شيء.
أصبح الإنسان في هذا العصر مجرد ترس في آلة كبيرة، بلا عاطفة أو إرادة، تتحكم به مجموعة هائلة من الآلات، كالسيارة والمصعد والميكرويف والتلفاز والهاتف الجوال والريموت كونترول وأجهزة الصرف الآلي، وغيرها من الآلات الباردة الميتة، وأصبحنا مثل دونكيشوت الذي يصارع طواحين الهواء.
أصاب "داء" السرعة كل شيء، فأصبح الإنسان في "ماراثون" دائم، في حالة لهاث مستمر، إذا فكر لحظة في التوقف ستدهمه العجلات، إذا أردت التأكد من ذلك، راقب حركة السيارات، والزحام، والبورصة، والأغاني الشبابية، والسرعة التي أصابت كل شيء حتى الوجبات.
لقد أخذتنا دوامة الحياة، ونسينا أن الصبر حكمة، وأن التدبر والتفكر أمر إلهي، وأن التأمل رياضة روحية تهذب النفس وتساعد على اتخاذ القرار، وإذا أفقت يوما، واعترضت على هذه الآلة الجهنمية، سخر الناس منك، وقالوا أن هذا عصر السرعة، واتهموك بالرجعية والتخلف.
القناعة "كنز لايفنى" والحكمة من صفات المسلم، و"الأرزاق محددة"، ولكن ما زال الإنسان، يركض ـ كالمجنون ـ خلف السراب ، يحاول أن يضرب مئات العصافير بطلقة واحدة..!