تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



مصطفي أمين تعظيم سلام | الأمير كمال فرج


كالأشجار عندما تموت واقفة أبية رحل مصطفى أمين، عميد الصحافة العربية وسيد الكلمات النبيلة، رحل مصطفى أمين – كالمحارب – وهو يحمل قلمه وسيفه إلى آخر لحظة، وكأنه هنا يستدعي الحديث الشريف الذي يقول (إذا جاء أحدكم الموت وفي يده فسيلة فليغرسها)، مات الفارس بعد أن غرس أشجاراً عديدة للوعي والحرية على امتداد خارطتنا العربية .. هذه الأشجار التي ستنمو وتزدهر اليوم أو غداً لتغير الكثير من حياة الشعوب.

 الكلمة طلقة ونور ووعي .. هكذا أمن الرجل فكان لكلمته رائحة الوردة وطعم البارود وموطن للعصافير المهاجرة الباحثة عن وطن مجهول اسمه الحرية، انتصر للمظلومين وحارب الطواغيت وانحاز للفقراء ورفع راية الحرية حتى آخر لحظة من حياته ..!

 إذا كانت الأمة المصرية والعربية قد هزها رحيل هذا الكاتب العظيم فإن حزني يتضاعف لأنني مدين لهذا الرجل بالكثير، فأنا أعتبر نفسي أحد التلاميذ في مدرسته الصحفية التي تخرج منها الكثيرون، فضلاً على ذلك فإن له أيضاً علىّ فضل النصح والتوجيه، ولا أنسى رسالته الأخيرة التي أرسلها إلى قبل وفاته، والتي أشاد فيها بجهودي المتواضعة قائلاً: (أهنئك على إصرارك وجهدك الذي بذلته في عالم الصحافة، وقد اطلعت على أعداد المجلة وأعجبت بالمحتوى والمضمون والتوضيب الجميل والطباعة الأنيقة ورأيت مجهودك الكبير وأهنئك من كل قلبي)، وضمنها وصيته إلى قائلاً: (لقد شعرت بحبك للصحافة والنجاح في الصحافة قصة حب من يعطيها كثيراً تعطيه الكثير)، وختمها بعبارته التي أتشرف بأن أحملها طوال العمر (إمض في طريقك إلى النجاح).

 ولا أنسى أيضاً لقائي الوحيد معه في مؤسسة أخبار اليوم عندما قمت بزيارته وقد كنت وقتها هاوياً للصحافة أرحل كل يوم من مدينتي الصغيرة إلى القاهرة قبل الخامسة صباحاً ، وأستقل قطار الصباح الذي يتحرك قبل انبثاق النور حتى أصل مبكراً إلى عاصمة الثقافة العربية، وأطوف على صحف الأهرام والأخبار والجمهورية بإنتاجي الشعري والصحفي.

 وفي كل مرة أزور فيها القاهرة أجلس على المقهى المقابل لأخبار اليوم في شارع الصحافة أتناول إفطاري وأشرب الشاي وأقرأ الجرائد، وأتطلع كالطفل المبهور إلى المبنى العريق الذي يمثل جزءاً من تاريخ مصر والصحافة العربية.
 وعندما سألت عن الأستاذ ، قالوا لي أنه يحضر يومياً إلى مكتبه في التاسعة والنصف صباحاً، وقررت مقابلته وارتديت يومها البذلة والكرافتة وانتظرته في الموعد المحدد ، وأنا أتهيب لقاء عملاق الصحافة العربية، وفي الموعد المحدد ازدحم الشارع بمئات من الناس، وعندما سألت علمت أن كل هؤلاء ينتظرون الأستاذ، وما أن جاءت سيارة الأستاذ المرسيدس السوداء، وشقت طريقها وسط الجموع، واستقرت أمام مبنى الدار ، حتى تحول هذا الزحام بطريقة إلكترونية سريعة ـ تماماً كما يحدث في الجيش ـ إلى طابور طويل ملتو وممتد من البشر.

 وأذكر أنه من طول هذا الطابور كان يمتد من شارع الصحافة حتى شارع الجلاء، ونزل الكاتب الكبير من سيارته ووقف موقفه اليومي لمدة تقرب من الساعة، وكان يقوم بالسلام على الشخص، ويستلم مظروفاً منه يعطيه لشخص بجواره ..

وهكذا حتى انتهى الطابور الطويل، وعندما سألت علمت أيضاً أن المظاريف التي كان يستلمها الأستاذ عبارة عن طلبات إعانة، وكان الطابور يضم فئات عديدة من المجتمع طلبة ومرضى ومعاقين وغيرهم ....!

وبعد أن انتهى من الطابور الكبير دخل إلى المبنى، فتقدمت بالسلام عليه بثقة رغم بنيتي القليلة، وكان عملاق البنية طويل القامة، فعرفته بنفسي ففوجئت بترحيبه الحار بي، ووضع يده على كتفي مرحباً ، ووقف معي يتجاذب أطراف الحديث، وكأنه يعرفني منذ زمن، أذكر أنني أخبرته حينها أنني أتيت من مدينتي الصغيرة البعيدة عن العاصمة لأسلم عليه خصيصاً ، وذكرت أنني أحد المعجبين بكتاباته ، وأعتبره مثلاً أعلى لي.

 لم يكن مصطفى أمين مجرد كاتب يمارس العمل الصحفي والكتابي، لقد كان مؤسسة خيرية ووطنية حملت على عاتقها مسئولية خدمة المجتمع ، وإعانة الفقراء ورعاية المحرومين ودعم المعاقين، وتنمية الأسرة، ولعل من الإنصاف أن نقول أن ما فعله الرائد الكبير من خلال (ليلة القدر) التي أسسها هو وتوأمه علي أمين يقرب إلى دور وزارات الشئون الاجتماعية في بعض الدول، وربما يفوقها.

 إن حزني كبير ومصابي جلل ولكن عزائي أن مصر التي أنجبت مصطفى أمين أنجبت أيضاً مئات من أمثاله وأن الأستاذ أتم رسالته وقدم للساحة تلاميذه الذين بهم تتواصل الأجيال وتدور ماكينة الصحافة ..

 مصطفى أمين .. تعظيم سلام للقلم الحر والأخلاق الرفيعة والأستاذية في أروع صورها ..، تعظيم سلام للكاتب عندما يتجاوز دوره الوهمي المحدود إلى دور أكبر وأهم وهو خدمة المجتمع ..، تعظيم سلام إلى الرأي عندما يكون حراً باسقاً كالرمح لا يرهب إنسا ولا جانا.

مصطفى أمين في كل هذه المعاني مجتمعة .. تعظيم سلام ..!!
تاريخ الإضافة: 2014-04-28 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1218
0      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات